صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- لإحداث دوائر متخصّصة لـ (قضايا الفساد) في النيابة العامة تقوم بالتحقيق والادعاء في قضايا الفساد وترتبط بالنائب العام مباشرة، طبقا لتصريح النائب العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، هذه الخطوة تؤكد عزم وإصرار الملك سلمان على استمرار مشروع مكافحة الفساد وتوسيع قاعدته ليكون منهجًا أصيلاً رئيسيًّا للحكم، ومشروع مكافحة الفساد كان ضروريًّا، وكان مشروع إنقاذ حقيقي للدولة، ويكرس شرعية الحكم، ويجدد ثوابت بلادنا لتبقى مستقرة لعقود قادمة، بحول الله.
ربما هناك من يظن أن النيابة العامة سوف تأخذ دور هيئة مكافحة الفساد (نزاهة). هذا القرار داعم لعمل نزاهة على المدى البعيد، فالهيئة تحتاج التفرغ والتوسع في مشروع تعزيز النزاهة كـ (مشروع أخلاقي)، عبر تمكين وتطوير الأنظمة التي تؤدي إلى الشفافية والنزاهة. وهذا هو الأهم الذي يجعل مكافحة الفساد أكثر عمقًا وتنوعًا، وتخدم الرقابة على القطاع العام، وتخدم أيضًا الرقابة على المؤسسات الخاصة ومؤسسات القطاع الثالث.
النيابة العامة، مع استمرار مشروع مكافحة الفساد في مواقع أخرى في القطاع العام، سوف تواجه حالات جديدة تتطلب كفاءة الادعاء العام والتحقيق المحترف النزيه الذي يضمن تحقيق العدالة. وهذا ما أشار إليه النائب العام الشيخ سعود المعجب، فقد كانت (النيابة العامة، قبل صدور الأمر الملكي الكريم بإحداث دوائر قضايا الفساد، كانت تعالج تلك القضايا من قِبل دائرة جرائم الوظيفة العامة، إلا أنه رغبة في مزيد من الفعالية ورفع الجودة والأداء وتسريع إجراءات قضايا الفساد، فقد صدرت الموافقة الكريمة على إحداث دوائر متخصّصة لقضايا الفساد، وأن تتولى دوائر جرائم الوظيفة العامة معالجة التجاوزات الجنائية المتعلقة بالإخلال بواجبات الوظيفة) الذي يفترض أن تتجه إليه هيئة مكافحة الفساد هو مراجعة الأنظمة والإجراءات الحكومية عبر أخذ عينات عشوائية للعقود الحكومية وتقصي مسار المشاريع، من الدراسة إلى الاستلام، وتعزيز الإدارة الحكومية بالآليات النظامية التي تضمن كفاءة المراجعة الداخلية، ودراسة ما لدى ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية من ملاحظات متكررة للمخالفات والتجاوزات للنظر في مصدر الخلل: هل هو في الأنظمة والإجراءات، أم في ممارسات الموظفين وأخلاقياتهم، مع متابعة تطبيق المرشد الأخلاقي. ثمة أمور كثيرة سوف تنجزها (نزاهة) إذا تبنت بقوة جانب الدراسات التي تحلل أداء القطاع العام لكي تتفهم سلوكه وتتوقع عثراته وتساهم في علاجه.
الفساد طبعا لن ينتهي، فقد ظل ملازمًا لمسيرة البشرية في تاريخها الطويل، ومن تاريخ قيام الدول وسقوطها.. كان الفساد العنصر الرئيس الذي ساهم في سقوط دول وانهيار مجتمعات، ونحمد الله أن الملك سلمان اتخذ قراره التاريخي لكي يجدد ثوابت الدولة، ويدعم قواعدها الأساسية عبر مكافحة الفساد بصوره وأشكاله كافة، لحماية ثوابت بلادنا، وللمحافظة على المال العام، وحماية لنزاهة الوظيفة العامة، وأيضًا لتعميق التربية الوطنية التي تحمي الناس من ضعفهم وجهلهم.
ولتحقيق هذا المشروع أعطى الملك الاستقلالية للنيابة العامة، كما أتاح لها مساحة للعمل، وقدم الدعم للنائب العام لكي يقوم بدوره، والنائب العام يشير دومًا إلى (أن خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -يحفظهما الله- حريصان كل الحرص على محاربة الفساد واجتثاثه من جذوره بمنتهى القوة والشفافية)، وهذا ما نستحقه لحفظ السلام الاجتماعي وتعزيز وتقوية الجبهة الداخلية، وأيضًا هو: واجبنا تجاه الأجيال القادمة.
نقلا عن الجزيرة