عانت البلاد ولا زالت من قضية التستر التجاري الذي يمارسه بعض المواطنين مقابل مبالغ زهيدة يحصلون عليها، ويتم تسليم زمام الأمور لوافد يعمل لحسابه ويتحكم في مصير المؤسسة الفردية التي يتم ترخيصها لهذا الغرض.
المليارات من الريالات تحول سنويا بطرق غير نظامية نتيجة لهذا العمل، ناهيك عن سوء جودة المخرجات لهذه المؤسسات التي تعمل في الظلام، إضافة الى حرمان المواطنين من فرص العمل التي يمكن أن يشغلوها بدلا من هذه العمالة المتستر عليها.
قطاع التجزئة هو الأكثر احتواء لمثل هذه الأعمال للقطاعات التجارية والغذائية والمقاولات ومواد البناء والفنيين المساندين لهذه الأعمال وغالبيتهم من العمالة الوافدة النظامية وغير النظامية. وحملات وزارة التجارة الأخيرة كشفت لنا حجم ونوعية العمالة والأعمال التي تم ضبطها.
السوق العقاري والأنشطة المرتبطة به لها نصيب كبير في عمليات التستر وقد عانى السوق في الماضي من المكاتب العقارية ومؤسسات المقاولات الفردية ومحلات مواد البناء والعمالة المرتبطة بالمقاولات والبناء من هذه العمالة التي تعمل لحسابها الخاص وينتج عنها مشاكل مرتبطة بالجودة سعيا وراء الربح السريع بما فيها بناء المساكن التي ظهرت عيوبها خلال فترة وجيزة وتسببت في كوارث وخسائر فادحة لأصحابها.
وقد تسبب التستر بضرر كبير على الاقتصاد حتى على مستوى الشركات الكبرى والمؤسسات وحدّ من الفرص التجارية المتاحة للمواطنين وحرمهم من الوظائف في ظل سعي الشركات لتعيين عمالة رخيصة على حساب أبناء الوطن.
وهناك مؤشرات إلى أن عددا كبيرا من الوافدين يعملون لحسابهم الخاص إذ يدخلون البلاد بتأشيرة عمل ثم يؤسسون أعمالا يديرونها في الخفاء خلف واجهة الكفيل الذي يتقاضى أموالا بالمقابل ويقومون بتحويل جزء من أرباح تلك الأعمال إلى بلدانهم، وهناك إحصاءات تشير إلى أن نحو 30 بالمئة من العمالة الأجنبية النظامية تعمل لحسابها الخاص تحت ظاهرة التستر وأن قطاع البناء والمقاولات يستأثر بنحو 60 بالمئة من قضايا التستر في حين تسيطر العمالة الوافدة على أكثر من 90 بالمئة من إجمالي عدد العاملين بقطاع تجارة الجملة والتجزئة بالسوق.
وينص النظام على معاقبة المتستر والمتستر عليه بالسجن لمدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تزيد على مليون ريال او بإحدى العقوبتين. كما يجري شطب السجل التجاري المتعلق بالنشاط ويلغى ترخيصه وتجري تصفيته ويمنع المتستر من مزاولة النشاط لمدة خمس سنوات، وإذا صدر حكم بالإدانة لغير السعودي يبعد عن المملكة بعد تنفيذ الحكم ولا يسمح بعودته إليها للعمل.
جهود وزارة التجارة والعمل والشؤون البلدية والقطاعات الحكومية المساندة ظاهرة هذه الأيام وبدأنا نرى نتائج أعمالهم بكشف الكثير من قضايا التستر التجاري في كافة المجالات وهي بحاجة لتكثيفها للقضاء على هذه الآفة نهائيا لتنظيف اقتصاد الوطن ومنح الفرصة لأبنائه في تنميته والاستثمار فيه.
نقلا عن الرياض