بعض طرق العلاج النفسي والتي يتم اللجوء إليها أحياناً من قبل بعض المختصين لبعض الأفراد هو طريقة (العلاج بالصدمة) حيث يحتاج الفرد إلى صدمة بقول أو فعل أو إجراء أو نظام جديد ليفيق وينتبه لسلوكياته وتصرفاته وأفعاله ومن ثم يعيد حساباته ويستعيد توازنه ويستيقظ من غفلته ويعود الى رشده وصوابه. فالعلاج بالصدمة يأتي أحيانًا لأننا نصدم من بعض الأوضاع في بعض الجهات والتي لا يمكن قبولها، فمثلاً عندما ينتشر الفساد وتضيع الأمانة ولا تطبق المعايير وتكثر المجاملات ويصبح النهب وسيلة منتشرة في بعض الجهات يصدم المرء من ذلك الوضع والذي قد يتسبب في حدوث بعض الكوارث والمآسي وتردي بعض الأوضاع مما يتطلب ضرورة التدخل السريع والعلاج (بالصدمة) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
بالأمس نشرت (صحيفة سبق الإلكترونية) مقابلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والتي أجراها مع الكاتب ديفيد إغناتيوس ونشرتها (واشنطن بوست) والتي تضمنت «أن الموجة الجديدة من الإصلاحات جزء من العلاج بـ»الصدمة» الذي يُعد ضرورياً لتطوير الحياة الثقافية والسياسية في المملكة» وأضاف سموه «إن «الصدمة» كانت ضرورية أيضاً لكبح التطرف، وهي محاولة لإعادة تطبيق الممارسات التي طبقت في عصر النبي الكريم» وأضاف سموه «عندما يكون لديك جسد مصاب بالسرطان في كل أعضائه، سرطان الفساد، عليك استخدام العلاج الكيماوي، وإلا فإن السرطان سيلتهم الجسد» وأردف قائلاً «إن المملكة لن تتمكن من تحقيق أهداف الميزانية دون وضع حد لهذا النهب».
لقد قام سموه الكريم بتطبيق (العلاج بالصدمة) لمواجهة الفساد الذي استشرى كما أكد سموه في المقابلة وكان لابد من مواجهته بشكل حازم وحاسم وقد تم تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد واحتجاز المتهمين والتحقيق معهم ثم أطلق سراح معظمهم بعد دفعهم التعويضات ومعظمهم يدركون أنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة وقد قاموا بالتسوية إلا أن تلك الصدمة وما صاحبها من أحداث ووقائع لازالت حتى اليوم حديث كثير من الناس ولازال اسم الفندق الشهير بالرياض يتردد على ألسنة البعض -من هول تلك الصدمة- ولكن هكذا هي بعض الأوضاع تحتاج في بعض الأحيان إلى مثل هذا العلاج (بالصدمة) لتعود الأمور إلى نصابها.
إن غالبية المجتمع اليوم تعرف تماماً بأن أي إصلاحات لابد أن تتضمن تغييرات وأن بعض هذه التغييرات قد تكون صادمة بل ومؤلمة للبعض خصوصاً ممن تعوَّد على أوضاع معينة لعشرات السنين، غير أن هذه التغييرات تبقى ضرورية وهامة ولا مفرَّ منها لتحقيق التطوير والتنمية المنشودة وفق رؤية السعودية 2030.
نقلا عن المدينة