يحرص الكثير من قضاتنا على العدالة الناجزة، لأن تأخير الحكم بالعدل نوع من الظلم، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بسرعة إيصال الحقوق إلى أصحابها، وكان الخلفاء يوصون القضاة بذلك، فقد ورد في كتاب عمر بن الخطاب إلى معاوية – رضي الله عنهما - :" وتعاهد الغريب، فإنه إن طال حبسه ترك حقه، وانطلق إلى أهله، وإنما أبطل حقه من لم يرفع به رأسا..." (أخبار القضاة لوكيع 1/75).
وتأخير الفصل في القضايا المنظورة فيه مفاسد كثيرة أهمها:
1-تأخير انتفاع صاحب الحق بحقه.
2-زيادة إثم الظالم مدة بقاء الحق في ذمته.
بقاء الضغينة بين الخصوم مدة التقاضي، وسرعة الفصل يبعدها أو يخففها. (ينظر: المدخل إلى نظام المرافعات ص 99).
3-أن ذلك يوقع من يؤخر الفصل في القضية المنظورة في الإثم، لأنه أعان على الظلم، وقد ذكر الفقهاء بأن القاضي إذا أخَّر الحكم مع ظهوره واتضاحه من غير مسوغ فإنه آثم مستحق للعزل (ينظر: جامع الفصولين 1/16 عن الكاشف في شرح نظام المرافعات 2/130.).
وقد أكد المنظم السعودي وجوب سرعة البت في القضية المنظورة، فنصت المادة الثامنة والخمسون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية على ما يأتي:" متى تمت المرافعة في الدعوى قضت المحكمة فيها فوراً أو أجلت إصدار الحكم إلى جلسة أخرى قريبة تحددها مع إفهام الخصوم بقفل باب المرافعة وميعاد النطق بالحكم".
مع التنبيه إلى المقصود بالتعجيل إذا اتضح وجه الحق، أما التعجيل مع عدم اتضاح حكم الشرع في المسألة فعجلة مذمومة، قال ابن فرحون (ت: 799هـ) رحمه الله:" لأن يبطئ ولا يخطئ أجمل به من أن يعجل فيَضِلَّ ويُضِلّ". (ينظر: تبصرة الحكام 1/74).
ولأجل العدالة الناجزة، صدرت التعميمات والقرارات بشأن ذلك مثل:
1)التعميم رقم 743 / ت في 24/4/1437هـ من رئيس المجلس الأعلى للقضاء لرؤساء المحاكم والدوائر القضائية بشأن سرعة البت في قضايا السجناء.
2)التعميم رقم 789 / ت في 16/9/1437هـ من رئيس المجلس الأعلى للقضاء لرؤساء المحاكم والدوائر القضائية بشأن تسريع قضايا السجناء.
3)التعميم رقم 953 / ت في 18/11/1438هـ من رئيس المجلس الأعلى للقضاء بشأن سرعة إنجاز المعاملات فيما يخص النواقص.
ومع ذلك، لا يزال يتعرض القضاء في السعودية للانتقاد بسبب التأخر غير المبرر في إنهاء القضايا، وهذا الانتقاد رفع في منصة مجلس الشورى وفي المؤتمرات الاقتصادية وفي الصحف وفي المجالس الخاصة، ومعالي وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء يبذل قصارى جهده لتسريع القضايا كما في التعميمات السابقة.
وأرى أن يتم النظر في الاستعانة بالمحامي بوصفه من معاوني القاضي فهو شريك في العدالة، بحيث :
يمنع النظر في الدعاوى أمام محاكم الاستئناف المحكمة العليا دون محامي.
ويمنع قبول أي لائحة استئنافية أو أمام المحكمة العليا أو لائحة دعوى أمام محكمة ابتدائية بدعوى تزيد قيمتها عن عشرين ألف ريال دون أن تكون معتمدة من محام.
ويمنع تسجيل عقود الشركات التي تزيد قيمتها عن مئة ألف ريال إلا إذا كانت معتمدة من محام.
تلزم كل شركة مساهمة عامة أو أجنبية تعمل في السعودية أن تعين وكيلاً عاماً لها من المحامين المعتمدين، وتعاقب بغرامة يومية عن كل يوم تأخرت فيه عن إقامة وكيل لها.
والاستعانة بالمحامين لتخفيف الضغط على القضاء بالقضايا الفاشلة أو بالرد على القضايا بردود غير موصلة طريقة انتهجتها أكثر الدول العربية، ينظر على سبيل المثال: نظام المحاماة الأردني المواد من 34 – 37).
ومع ذلك فالاتجاه للقضاء المختص والتأهيل الملحوظ للقضاة والرقابة الكفيئة لسرعة إنجازهم ودقة التفتيش عليهم أمر يذكر فيشكر، وسيكون له أثره البالغ في تسريع القضايا.
خاص_الفابيتا