هيئة التوعية الوطنية

14/02/2018 0
خالد بن صالح الغدير

في السنوات التي قضيتها في الإشراف على استراتيجية التوعية المالية في عدد من البنوك، حيث اتبعت أسلوب التنوع في طرح المحتوى والتوقيت باستخدام قنوات متعددة ومتغيرة بهدف تحقيق نتائج فعالة، وباشتراكي بالجهود المميزة للجنة الإعلام والتوعية المصرفية (البنوك السعودية)، والتي تمثل تجربة فريدة في الجهد التوعوي الذي يَختزل خبرةً وجهودًا ملفتة من فريق عمل اللجنة وأمينها العام الأستاذ طلعت حافظ، وكذلك بمتابعة نشاطات التوعوية المستمرة التي تقوم بها جهات حكومية كوزارة التجارة والعمل والداخلية وهيئة الزكاة والدخل والاستثمار. فقد كنت بعد انتهاء كل حملة توعوية ألاحظ الحاجة الملحة للمزيد من الجهود التوعوية التي تفرضها المستجدات والمتغيرات المتسارعة في المجتمع السعودي على الجانب التكنلوجي والثقافي والعلمي والاجتماعي والمالي والقانوني، والتي تتأثر باستمرار باعتماد شرائح من الناس على مصادر معلومات غير دقيقة تتطلب في كل مرة تصحيح تلك المعلومات والأخبار أو نفيها لقطع الطريق أمام إشاعة أو معلومة مغلوطة صدرت من هنا أو هناك.

السعودية بلدٌ كبيرٌ، وتعداد السكان السعوديين يتزايد بمعدل 480 ألف نسمة سنوياً، والتغييرات في حاضرنا ومستقبلنا كبيرةٌ وعميقةٌ، والإعلام سلاحٌ متغيرٌ وسماءٌ مفتوح لنا وعلينا؛ نعيش هذا الواقع فارضاً تحديات اقتصادية وتنموية وأمنية واجتماعية، وهو ما يتطلب منّا التفكير من خارج الصندوق بمنظور استراتيجي مختلف لاستخدام القوة الناعمة للإعلام والتوعية بشكل مكثف وموحد ومتناغم وأكثر تنظيماً وتنسيقاً بين جميع القطاعات، لتطوير وتشكيل الوعي المعرفي والثقافي للمجتمع السعودي، بما يحقق التناغم الاجتماعي والأمن الفكري ويساهم في تحقيق الأهداف التي وُضعت في رؤية 2030 بكفاءةٍ عاليةٍ، من خلال الارتكاز على الجهود والخبرة المتراكمة، لبناء ما يُسمّى "استراتيجية التوعية الوطنية الشاملة"، والتي تعتمد على مجموعة من برامج التثقيف والتوعية الأساسية، ويقوم عليها جهاز وطني مركزي وليكن "هيئة التوعية الوطنية" على غرار "هيئة الترفيه"، ويكون دوره وضع الاستراتيجية والإشراف على تنفيذها بما يلبي احتياجات المخططين وراسمي السياسات التنموية ومتخذي القرار بالاهتمام بالأهداف الاستراتيجية التالية: 

أولا: وضع استراتيجية سنوية للتوعية الشاملة، والتي تتكون من برامج متنوعة وديناميكية تتفاعل مع نوع وكيفية التحديات التي يواجهها البلد والمواطن.

ثانياً: وضع معايير علمية لقياس فاعلية تحقيق أهداف برامج التوعية المطبقة وعكس نتائجها على تحسين وتنوع أداء البرامج المستقبلية. 

ثالثاً: الاستفادة من التقنية الحديثة في قياس مستوى الوعي لدى كافة الشرائح الاجتماعية ووضع الخطط المناسبة لذلك.

رابعاً: وضع مؤشرات مخاطر استباقية لقياس الحاجة لبرامج توعية عاجلة في جوانب محددة تفرضها أوضاع محددة.

خامساً: المساهمة في تهيئة الوعي الاجتماعي والثقافي للتحديات المتوقعة مستقبلياً. 

سادساً: تفعيل جميع القنوات الممكنة للتوعية والتثقيف بما فيها القنوات التعليمية، ومنابر المساجد.

إنّ تنسيق الجهود التوعوية وتناغمها وجمعها تحت مظلة جهاز حكومي واحد ذو أهداف بعيدة المدى للإشراف على تنفيذها وقياس فاعليتها ليس ترفاً برأيي، ولكنه حاجة استراتيجية ماسة تفرضها متغيرات وتحديات المرحلة للتأثير على الوعي الاجتماعي والثقافي، بما يساهم في تحقيق الاستراتيجية التنموية والأمن الوطني والاجتماعي والفكري، وهو ما يساهم بالضرورة في إنجاز مستوى عالٍ من مؤشرات الأداء لأجهزة الدولة بكفاءةٍ عاليةٍ وتكلفةٍ أقل.

نقلا عن الرياض