ما بين ضريبة القيمة المضافة والمكوس !

12/02/2018 1
سعيد معيض

بعد ان اعتمدت المملكة قيمة الضريبة المضافة على كثير من السلع والخدمات بدءا من مطلع هذا العام 2018م دار كثير من النقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين معارض ومؤيد, وهناك قسم من المعارضين اعتبروا هذه الضريبة هي المكوس, وعلى الرغم من رد بعض العلماء الكبار على هذه الشبهة وفي مقدمتهم الشيخ عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء, الا ان الفريق المعارض يسوق لفتاوي مرجوحة لدعم معارضته.

لست هنا مفتيا ولكن من خلال اطلاعي على فتاوي علماء أجلاء وعدد من الابحاث حول المكوس يتبين ان المكوس المنهي عنه شرعا ليس بالضريبة التي فرضتها الدولة, ولعل أهم ما يفرق بين المصطلحين أن المكس يختلف عن الضريبة شكلا ومضمونا حيث أن المكس يقوم به فرد واحد وربما مجموعة بهدف زيادة مواردهم المالية وزيادة سطوتهم على الناس وظلمهم, وليس لصالح الجماعة او الشعب, ولهذا جاء في الحديث الشريف " لقد تاب توبةً، لو تابها صاحب مُكسٍ؛ لقُبِلت منه " وصاحب مكس هنا تدل على فرد واحد  ويمكن ان يكون مجموعة  ولكنها تؤخذ على سبيل الظلم, وتهدف الى زيادة ثراء صاحب المكس وتقوية جبروته وظلمه وليس بهدف خدمة المسلمين, فهي بالتالي مكوس محرمة, اما ضريبة القيمة المضافة المطبقة حديثا فهي نسبة بسيطة تؤخذ من عموم المواطنين, لصالح وزارة المالية أو ما يقابلها قديما مصطلح " بيت مال المسلمين " وهدفها تحقيق وتعزيز مصالح المسلمين في الاقليم عسكريا وخدميا, ولا يقصد بها اثراء الحاكم أو المسؤولين.

فلو نظرنا الى المصارف التي تنفق فيها فسنجد ان وزارة المالية حسب اعتماد الموازنة تقوم بانفاق الاموال لمختلف قطاعات الدولة العسكرية والمدنية, ولو نظرنا الى الانفاق العسكري فسنجد انه يأخذ جزءا كبيرا من انفاق الموازنة لا سيما مع وجود حرب قائمة, ومعلوم ان الحروب الحديثة باهظة التكاليف سواء من حيث الأسلحة والمشتريات العسكرية أو الدعم اللوجستي للعمليات, وانا على يقين ان ما سيتم جمعه من الضريبة عند مقارنته مع انفاق وزارة الدفاع لن يغطي الا جزءا من احتياجات الدفاع  ناهيك عن المجالات الخدمية الأخرى من تعليم ومستشفيات ومياه وطرق وغيرها, ولهذا فالمواطن مشارك ان شاء الله في الاجر فيما تصرف فيه هذه الضريبة, فعندما تعزز هذه الضريبة ميزانية الدفاع فقد يكون المواطن مشاركا في الدفاع عن الوطن ومصالح المسلمين, وقد جاء في الحديث الشريف (( من جهز غازيا فقد غزا, ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخيرٍ فقد غزا)), وما يقال عن الدفاع ينطبق على بقية الخدمات التي تتعزز جودتها وتنمو من حيث مشاركة المواطن في اجرها باذن الله تعالى, لا سيما أن الخدمات الاخرى لها أهميتها الكبيرة في سبيل المحافظة على جودتها ونموها سواء في المجال الصحي أو التعليمي أو الطرق او غيرها من الخدمات والتي تزداد أهمية مع زيادة عدد السكان والحاجة الى تنويع مصادر الدخل.

اجمالا فإن المكوس هو أخذ أموال الناس ظلما وبغير حق  لا لمصلحة الجماعة ولكن لصالح الآمر بجمعها بغرض الابتزاز والثراء والتسلط على الضعفاء وليس بهدف خدمتهم, أما الضريبة هنا فهو مبلغ أو نسبة معينة من أموال الشعب يقره ولي الأمر لصالح بيت مال المسلمين "وزارة المالية" ليتم صرفها في احتياجات المسلمين الدفاعية والامنية والخدمية وغيرها من الاحتياجات.

خاص_الفابيتا