العوائد التي يحققها المستثمر من سوق الأسهم قد تكون بسبب ارتفاع أسعار الأسهم الناجم عن عوامل أساسية مثل نمو الأرباح للشركات المدرجة أو عوائد التوزيعات النقدية، بالإضافة الى عامل مهم آخر متعلق بتقييمات الأسهم وهو تغير مضاعفات ومكررات أرباح السوق بشكل عام والشركات بشكل خاص مع مرور الوقت وتفاوته عبر السنوات.
تمر مضاعفات السعر الى الأرباح P/E بحالات تمدد وارتفاع Expansion تتسبب في تحقيق عوائد إضافية للمستثمر وتساهم بارتفاعات الأسعار بشكل أكبر من نمو الارباح. والعكس صحيح كذلك بحيث ان المضاعفات قد تمر بفترات تقلص وانخفاض Contraction تنعكس سلباً على أسعار تداول الأسهم، بل قد تتغير المكررات ارتفاعاً أو انخفاضاً مع ثبات الربح للشركة في بعض الحالات. لذلك فالتقييمات وانعكاسها على المكررات عامل يجب الا يغفل عنه المستثمر عند التحليل وانتقاء محفظته الاستثمارية. قد تتأثر مكررات الأرباح بعوامل اقتصادية مثل نسبة الفائدة وقد تتأثر بعوامل نفسية مثل التفاؤل أو التشاؤم بمستقبل النمو لأرباح الشركات كما انها تتأثر بالمخاطر.
ويبحث المستثمر عن أسهم يتم تداولها حالياً بمكررات أرباح منخفضة مقارنة بمتوسط مكررات الأرباح التاريخية للسهم والشركات المنافسة، وبنفس الوقت يحرص على أن تكون هذه الشركات ذات مستقبل متوقع جيد من ناحية نمو الأرباح ويصاحبها إعلانات إيجابية ستتسبب مستقبلاً في تحفيز تحركات سعر السهم وتزيد من تفاؤل المستثمرين لتعود المكررات في الارتفاع، وبالتالي تحقيق عوائد مجزية بسبب تمدد المكررات المصاحب عادة للنمو المتوقع. في بعض الأحيان تكون أسباب تغيرات المكررات (ارتفاعاً أو انخفاضاً) غير متعلق مباشرة بالشركة ذاتها، انما بسبب اقبال المستثمرين على السوق بشكل عام أو قطاعات معينة أو شركات ذات خصائص مالية معينة أو تغير شهيتهم لتقبل المخاطر. من المتوقع مثلاً أن يزيد الاقبال على الأسهم ذات المكررات المرتفعة (أسهم النمو) في أوقات صعود البورصات وعادة ما تزداد الرغبة في الأسهم ذات المكررات المنخفضة (أسهم القيمة) في فترات انخفاض الأسواق وركودها النسبي. مع اقبال المستثمرين المتزايد على شركات أو قطاعات سترتفع التقييمات بسبب زيادة الطلب والعكس صحيح كذلك.
لتوضيح فكرة تأثير تغيرات مكررات الأرباح على تغيرات أسعار الأسهم: بإمكاننا النظر في بعض البيانات التاريخية للبورصة الكويتية على سبيل المثال كما في الجدول المرفق لشركة هيومن سوفت. يتبين لنا أن سعر السهم ارتفع من 950 فلساً الى 2.7 دينار خلال هذه الفترة والسبب يعود الى توسع الشركة وارتفاع أرباحها، بالإضافة الى ارتفاع مضاعف السعر الى الربحية خلال عام 2016. لو احتفظ أحد المستثمرين بالسهم خلال تلك الفترة فانه سيحقق عائدا يبلغ %184، بالإضافة الى التوزيعات النقدية، ولو قورنت بارتفاع الأرباح لوجدنا أن ربحية السهم ارتفعت من 144 الى 199 فلساً خلال نفس الفترة أي بنسبة %38، وهي نسبة ارتفاع كبيرة نسبياً، لكنها أقل من ارتفاع سعر السهم الذي بلغ %184، السبب يكمن هنا في تمدد وارتفاع مضاعف الربحية P/E لشركة هيومن سوفت من 6.59 الى 13.57 مرة خلال عام 2016 أي بنسبة %106، مما ساعد في ارتفاع سعر السهم الى هذه المستويات. من الممكن أن نستنتج بأن أثر ارتفاع مضاعف الربحية يفسر ما يقارب %73.5 من ارتفاع سعر السهم خلال هذه الفترة، وهو في هذا المثال أكثر تأثيراً من نمو أرباح الشركة على سعر السهم، مما يؤكد أهمية العناية بالتقييمات عند الاستثمار.
كذلك بإمكاننا النظر لمثال آخر كما في الجدول المرفق لشركة زين، حيث يتضح لنا ان سعر السهم خلال عام 2014 انخفض من 690 فلساً الى 530 فلساً، أي أن العائد السعري (من غير التوزيعات النقدية) كان انخفاضاً بنسبة %23، بينما انخفضت ربحية السهم من 56 الى 50 فلساً، أي انخفضت بنسبة %10.7، وما يفسر انخفاض السعر بنسبة تفوق انخفاض الربحية هو ما حصل من تقلص وانخفاض في مضاعف الربحية P/E لشركة زين خلال عام 2014 من 12.3 الى 10.6 مرات أي انخفاض بنسبة %14. وعند النظر لشركة زين أيضاً لكن خلال عام 2016 سنجد أن ربحية السهم كانت ثابتة تقريباً عند 40 فلساً ومع ذلك فقد ارتفع سعر السهم من 350 الى 410 فلوس، فما هو سبب هذا الارتفاع ان لم بكن نمو الأرباح؟ سنجد ان الارتفاع يعود للتقييمات وتغير مكررات ربحية السهم التي ارتفعت من 8.75 الى 10.25 مما فسر ارتفاع سعر السهم.
ومن الأمثلة السابقة يتضح لنا أهمية الأخذ بعين الاعتبار مستويات مضاعفات ومكررات الربحية التي يتم الاستثمار فيها مقارنة بالمستويات التاريخية وكذلك الشركات المنافسة التي تعمل بالمجال نفسه وتتمتع بمخاطر وعوائد مقاربة والعلم بأنها لا تدوم على مستوياتها فنجدها تتقلص في حال بدأ نمو الشركة في التباطؤ، وترتفع اذا زاد تفاؤل المستثمرين بنمو أرباح الشركة المستقبلية وتوسعها الإيجابي.
نقلا عن القبس