توجد علاقة ما بين معدلات ومستويات الضرائب (مباشرة وغير مباشرة) ووضع الاقتصاد عموماً وحجم القطاع الحكومي أو(الصرف العام). لأن هذه العوامل تتفاعل وتتشابك وتؤثر سلباً أو إيجابًا. ومن البديهي لأي انسان إدراك، أن الصرف عموماً، مقيد بالأصول الحقيقية المتوفرة، ومن أهمها، رأس المال البشري ومع ذلك قلما تحدث الناس عن التشابه والتداخل بين أطراف المعادلة الثلاثة. ربما لأن تشابكها أوجد افتراضاً خاطئاً بأن وضع الميزانية يتحكم في التغيير في مستويات الضرائب والصرف العام. ومن أسف أن هذا افتراض يجعل الآية (معكوسة) تماماً. إذ الصحيح العكس تماماً إذا ما تم التطبيق على مستوى الاقتصاد ككل.
وسأبين في السطور التالية حُجتي فيما أشرت إليه. فمن حيث حجم القطاع العام نجده يتكون من موظفين عموميين وقوات أمن وقوى شرطية وجهاز قضائي وقوى عاملة في الخدمة المدنية. فحجم هذه الأجهزة يحكمه التوجه العام للدول والقرار السيادي. فالدولة باختيارها تحدد كيف تمول هذا القطاع ومن أي الموارد وبالتالي بأي حجم. يحدث ذلك قبل التوسع في التوظيف بالقطاع العام أو الصرف عليه حينها لابد من الإجابة على أسئلة شائعة، من نوع: هل تتوفر الموارد الكافية للإنفاق العام، وهل هذا التوجه سيؤثر مستقبلاً على القطاعات الأخرى غير الحكومية وهل يمس الاقتصاد الوطني عموماً. فمثلاً في أوقات انخفاض أسعار النفط تطرح هذه الأسئلة والأوضاع الاقتصادية نفسها بينما قد تغيب حين يتوفر الدخل الريعي للبلدان التي تعتمد على النفط. والضرائب تتداخل في هذا الجانب لأنها من منظور الحكومة المركزية وسيلة ينبغي استخدامها لتوجيه الاقتصاد أو كما يقول الاقتصادي وُرين موزلر(Warren Mosler )، إن الضرائب مثل الثيرموستات، إذا زادت سخونة الاقتصاد أي زاد التضخم فإنها تُرفع والعكس صحيح إن برد أو تباطأ الاقتصاد فإن معدلات الضرائب تعدل وفقاً لذلك.
فإن كان لاستنتاج كاتب السطور نصيب من صحة، فإن ذلك يعني وجود علاقة بين الصرف العام والضرائب وحجم القطاع العام مما يستدعي إعادة ترتيب الأوراق من حين لآخر بحيث يحدد حجم الصرف العام وحجم الأجهزة الحكومية ولو بالتدرج، وعلى نحو يستصحب تجارب دول العالم الأول، التي تدفع رؤية 2030 في الالتحاق بها. فإن فعلنا ذلك سنجد أنفسنا مجتمعاً متقدماً اقتصادياً، وقد حقق مستويات حياة جيدة لكل مواطن.
نقلا عن المدينة