مشكلة البطالة.. الحل في دعم وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة

21/01/2018 1
حسين بن حمد الرقيب

تولت الحكومة خلال السنوات الماضية معالجة مشكلة البطالة من خلال عملية التوظيف الحكومي، وتحميل ميزانية الدولة أعباءً مالية كبيرة جداً؛ حتى وصل الإنفاق على بند الرواتب إلى ما يقارب نصف الإنفاق الحكومي على الميزانية، وعلى إثر ذلك حدثت هجرة عكسية للموظفين من القطاع الخاص إلى القطاع الحكومي، حيث ينعم الموظف الحكومي بساعات عمل أقل وأمان وظيفي أكثر، ومقابل مادي ربما يكون أعلى ممّا كان يحصل عليه في القطاع الخاص، وأنفقت الدولة من أجل ذلك مليارات الريالات لو تم ضخها في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتمكنت الدولة من تخفيض نسب البطالة ودعم الناتج المحلي للقطاع الخاص وخفض الإنفاق على بند الرواتب في الميزانية. تلعب المشروعات الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول العالم المتقدمة منها، والنامية على حدٍ سواء، وذلك لدورها الفعال في حـل جملـة مـن المشكلات التنموية في مقدمتها امتصاص العمالة الزائدة، والتخفيف من حدة البطالـة، ومعالجـة مشكلة الفقر وزيادة الدخول، حيث توفر المشروعات الصغيرة والمتوسطة فرص عمـل واسـعة جداً، نظراً لصغر حجم رأس المال المستثمر فيها، وبذلك تساهم بفعالية في تعبئة المـدخرات المحلية وتوظيفها في عملية التنمية الاقتصادية.

وكما هو معلوم فإن اليابان قد بنت نهضتها الصناعية معتمدة بالدرجة الأولى على المـشروعات الصغيرة والمتوسطة، وليس على المشروعات الكبيرة كما يعتقد البعض والتـي كانـت مجـرد شركات تجميع لمنتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وكان لاعتماد اليابان على المـشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل حوالي 7.99 %من عدد المشروعات في اليابان وتشغل حـوالي 40 مليون عامل يشكلون نسبة 82 %من إجمالي القوى العاملة وتساهم في النـاتج المحلـي الإجمالي بنسبة 80 %، وانخفضت نسبة البطالة وزاد الإنتاج وتحققت مـشاركة ومـساهمة الأفراد والأقاليم المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، وبمعدلات تراكم لرأس المال يتناسب مع التنمية التي تشهدها اليابان وكذلك هناك تجارب ناجحة في كل من كوريا وماليزيا وتركيا أسهمت بشكل كبير في نهضة اقتصادية كبيرة لتلك الدول.

في اعتقادي أن مشكلة البطالة في المملكة لم تخضع لعلاج ناجع، وما كانت تقوم به وزارة العمل من خلال برامج نطاقات وغيرها من البرامج والرسوم إنما كانت مسكنات مؤقتة وعندما استفحلت المشكلة وقفت وزارة العمل مكتوفة الأيدي تراقب فقط نسب البطالة التي ترتفع بشكل كبير جداً حتى وصلت إلى 12.8 % بنهاية الربع الثالث من عام 2017، ولذلك لابد من تغيير طريقة التعامل مع مشكلة البطالة والذهاب إلى الحل الناجع من خلال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذا دور منوط بالهيئة العامة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تم إنشاؤها في عام 2016، ولازالت حتى الآن لم تقدم أي برامج فاعلة أو مبادرات واضحة.

ما تحتاجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة هو توفير التمويل من خلال برامج الصناديق المتخصصة أو زيادة فاعلية برنامج كفالة والتمويل المباشر عن طريق البنوك التجارية، أيضاً تحتاج المنشآت الصغيرة برامج محاسبة مالية متكاملة وتكون مربوطة بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لمراقبة أداء المنشأة المالي والتدخل عند وجود أي انحراف عن الهدف، وأيضاً تحتاج إلى منصة إلكترونية للحصول على جميع الخدمات والتراخيص وتجنيب المستثمر عناء التنقل بين الإدارات الحكومية، أيضاً على وزارة العمل توفير بيئة عمل جاذبة من خلال توحيد ساعات العمل والعطلات الأسبوعية لأن المواطن لا يستطيع منافسة المقيم في ظل عدم وجود عدالة في عدد ساعات العمل لأن المواطن لديه التزامات أسرية واجتماعية تختلف عن الوافد الذي قدم للعمل من أجل المال وهو على استعداد للعمل لساعات قد تتجاوز 16 ساعة في اليوم الواحد، وبدون عطل أسبوعية، وهو السبب الرئيسي في خروج المواطنين من سوق العمل في القطاع الخاص، أما وزارة التجارة فعليها حل مشكلة التستر، ولن تٌحل هذه المشكلة إلا بفتح المجال أمام الوافد بمنحه ترخيصاً لممارسة النشاط التجاري وإلزامه بقوائم مالية وضريبة دخل، وهذا من شأنه عمل توازن في المنافسة بين المواطن والوافد وتحقيق دخل لميزانية الدولة بدلاً من تحويل الأموال بالطرق المشبوهة التي تكبد الاقتصاد السعودي خسائر كبيرة، ونشأت في ظلها عمليات غسل الأموال وترويج البضائع المغشوشة والمقلدة.

المواطن السعودي لديه القدرة على المنافسة والإبداع والابتكار والمساهمة في عجلة التنمية متى ما وجد الدعم الحكومي وحمايته من المنافسة غير الشريفة، ولعل مشروعات الأسر المنتجة و(Food truck) مثال على ذلك.





نقلا عن الرياض