أشرت في الحلقة الأولى من هذه المقالة إلى أن الشركة وبالذات المساهمة تدار من قبل مجلس إدارة يقوم بانتخاب أعضائه المساهمين من خلال الجمعيات العامة، وذكرت أن عددا من القوانين وتحديدا نظام الشركات السعودي أعطى مجلس الإدارة أوسع الصلاحيات في إدارة الشركة مع مجموعة من القيود. وبينت أن مفهوم هذا الكلام هو أن المساهمين تقع على عواتقهم أهم خطوة وهي انتخاب أعضاء مجلس إدارة يقود الشركة، وأن على المساهم الذي يرى أن مجلس الإدارة غير مؤهل أن يسعى إلى انتخاب مجلس إدارة بديل أو أن ينضم لمجلس إدارة الشركة، حيث يشارك في إدارة الشركة ويتحمل مسؤوليات الإدارة. هذه المقدمة وإن كانت غير صريحة إلا أنه يمكن استنباطها من نظام الشركات الذي لم يتعرض لتنظيم خاص فيما يتعلق بأثر المساهمين في المجلس. في المقابل اتخذت هيئة السوق المالية خطوة للإمام فيما يتعلق بالشركات المدرجة، فحرصت على أن توضح هذا المفهوم في لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن مجلسها في أغسطس من عام 2017.
أول هذه التأكيدات أن اللائحة حرصت على أن تؤكد مبدأ أساسيا وهو أن مجلس إدارة الشركة يمثل جميع المساهمين، أي أن كل عضو في المجلس في الحقيقة يجب عليه أن ينظر لمصلحة الشركة ككل ولكل المساهمين دون ميل لأي مساهم معين. ثم جاءت اللائحة لتنص صراحة على أنه لا يجوز للمساهمين التدخل في إدارة الشركة، وبينت أنه بشكل عام لا يجوز ذلك إلا من خلال عضوية المساهم في مجلس الإدارة أو من خلال الجمعيات العمومية للمساهمين أو ما يسمح به المجلس نفسه.
هذه التأكيدات الواردة في لائحة حوكمة الشركات تأتي لتأكيد وتحرص على أن يبقى مجلس الإدارة مستقلا يعمل وفق ما يراه الأصلح للشركة بناء على الجهد المعقول الذي يفترض أن يقوم به ليصدر قرارات مبنية على أسس صحيحة ومعلومات كافية. هذه التأكيدات تأتي كذلك لتؤكد أنه على مجلس الإدارة بأعضائه أن ينظروا ويجعلوا مصلحة الشركة هدفهم ونصب أعينهم وأن كبار المساهمين لا يحق لهم التدخل في إدارة الشركة وهم خارج عضوية مجلس الإدارة. ولربما يرى عضو مجلس الإدارة أن عزله من قبل مساهمين أسلم له من اتباع إرشادات وتوجيهات مساهم معين وعضو مجلس الإدارة غير مقتنع بهذه الإرشادات أو التوجيهات أو يرى أنها غير سليمة من وجهة نظر فنية أو غيرها أو حتى لا يمكنه الدفاع عنها أمام من قد يحتاج إلى الدفاع عن قراره أمامه.
نقلا عن الاقتصادية