يبلغ استهلاك المملكة من الطاقة 4.7 مليون برميل نفط مكافئ يومياً، كالغاز والبنزين والكيروسين والديزل وزيت الوقود والإسفلت وغيرها وهو ما يوازي 35% من إجمالي الإنتاج، وقد شهد الطلب وتيرة نمو عالية بلغت 5% خلال السنوات العشر الماضية وهو ما يفوق نسبة النمو السكاني ويزيد عن نسبة نمو الناتج المحلي أيضاً، ولو ترك النمو على هذه الوتيرة فسوف يرتفع الاستهلاك إلى 8 ملايين برميل خلال السنوات القليلة القادمة وهو ما يوازي الكمية المصدرة حالياً!!
وعلى الرغم من أن معظم الدول قد خفضت من نمو ما يسمى بـ«كثافة الطاقة» بما في ذلك الدول النامية، إلاّ أن الاستهلاك في المملكة عاكس التيار، إذ بلغت نسبة نمو كثافة الطاقة 0.8 بالمئة سنوياً وهي بذلك تحتل المرتبة الثانية على مستوى دول العشرين، وهنا يجب أن نفرق بين زيادة الطلب على الطاقة وزيادة كثافتها باعتباره المقياس العالمي المعمول به اليوم لمستوى إنتاجية الطاقة وهو ما يمثل الطاقة التي يمكن استهلاكها لكل 1000 دولار من الناتج المحلي، وكلما زادت هذه النسبة، كلما دل ذلك على انخفاض كفاءة الطاقة وزيادة كثافتها!!
في الصين مثلاً ظل النمو على الطاقة يتجاوز 5% سنوياً، لكن في نفس الوقت فإن كثافة استخدامها قد انخفضت بمقدار 2% على مدى السنوات العشر الماضية، ومثل هذا المعامل ظل مهمشاً في بلادنا في أدبيات استخدام الطاقة ككل، وبالتالي ارتفع الاستهلاك المحلي من قبل الأفراد والمؤسسات الحكومية المعنية بشكل غير مسبوق.
لكن الشيء غير الواضح والمغيب من بين هذه المعلومات وركام أرقامها التي تطرح صباح مساء هو التفاصيل، كم نصيب السوق الاستهلاكي المحلي من الغاز والبنزين والديزل وزيت الوقود وكم نصيب الأجهزة الحكومية من مؤسسات عامة وكهرباء وتحلية وكم نصيب المصانع والشركات وشركات الطيران، إذ ما تزال الأرقام الرسمية تطرح عن إجمالي الاستهلاك العام (Bulk) ولذلك تتداخل أرقامها وتفاصيلها وهو ما يجعل الصورة ضبابية حول صنابير الاستهلاك المحلي ونسبة ومكونات كل منها في إجمالي المشكلة، وبالتالي إيجاد الحلول الحقيقية، خلاف أن غياب هذه التفاصيل يحرم الباحثين ومراكز الدراسات الوطنية من تحليل هذه الأرقام ومعرفة مكامن الهدر وأساليب معالجتها.
نقلا عن عكاظ