حساب المواطن وحساب المسؤول

25/12/2017 1
م. عماد بن الرمال

في قرار تاريخي اتخذ الأسبوع الماضي خطت المملكة خطوات واثقة للأمام  نحو  تحرير الاقتصاد من احتكار الدولة في تقديم بعض الخدمات الأساسية الى اقتصاد السوق الحر الذي يعتمد المنافسة  والعرض والطلب .

فقد حررت أسعار الطاقة الكهربائية أصعب قطاع يمكن تحريره سواء كان في المملكة أو في جميع دول العالم الأخرى التي خاضت هذه التجربة.

جاء تحرير أسعار الطاقة مع اطلاق حزم تحفيزية للقطاع الخاص وميزانية سخية وحساب المواطن لتخفيف أثر التصحيح الاقتصادي على فئات المواطنين من الدخل المتوسط والضعيف.

 فكل مواطن يعتقد بأن رفع أسعار الطاقة يشكل دخل مهم لخزينة الدولة في هذه المرحلة عليه قراءة أرقام الميزانية والخطط التحفيزية بشكل أوضح.

كذلك كل مسؤول يعتقد بأنه محصن من المساءلة والمحاسبة على تقاعسه في تحقيق أهداف الرؤية بالطريقة الصحيحة التي رسمت كل هدف بوضوح تام ، أيضا عليه قراءة المرحلة الحالية مرحلة الشفافية والحلم والشموخ بطريقة صحيحة.

فالمبالغ المتوقعة عوائد مالية صافية  لخزينة الدولة من تحرير أسعار الطاقة الكهربائية تقدر ب ١٣ مليار ريال ، من جهة أخرى نجد أن الدولة تنازلت عن حقوقها في الرسوم المحصلة للشركات الوطنية والمؤسسات بقيمة ١٢ مليار ريال وهذا هو بند ضمن قائمة أخرى من عدة بنود تقدر قيمتها ب ٧٢ مليار ريال أعلنت الدولة بأنها سوف تضخها كمحفز للقطاع الخاص .

أيضا جاء إعلان  قيمة الانفاق الرأسمالى في ميزانية ٢٠١٨ برقم قياسي وصل الى ٢٠٥ مليار ريال بالاضافة الى انفاق مبلغ ٨٠ مليار ريال من صندوق الاستثمارات العامة يشكل توسعي في الانفاق سخي جدا لتطوير القطاع الخاص وخلق الوظائف الجديدة.

وقد يسأل سائلا لماذا اذا تحمل الدولة المواطن تكاليف مالية وهي تنفقها بسخاء من جهة أخرى؟ 

والجواب هو يمثل التحدي  للوصول الى اقتصاديات السوق الحر  بدون تدخل الدولة في تقديم الدعم  التي تستوجب أن ترفع الدولة دعمها عن السلع للحصول على سوق تنافسي وحيوي  سريع التطور  يأخذ مساره الصحيح في استكشاف القوة الحقيقية  للاقتصاد السعودي والاستخدام الأمثل لطاقتها بدون ترهل مالي وإداري وتركيز المسؤوليات التي تؤدي الى فساد يصعب ملاحقته.

اقتصادنا بني على الرعاية الأبوية الدائمة من الدولة وهذا أشبه ما يكون بأب يقوم بالصرف ورعاية ابنه حتى بلوغه السن الذي يعتمد به على نفسه .

فاستمرار هذا الدعم سوف يكون خنقا لقدرات هذا الشاب وضرر له دون شك، ويحرمه من أن يستخدم قدراته واثبات نفسه في معترك الحياة .

بدأنا الخطوات الاولى في مرحلة تحرير الاقتصاد وليس لدي شك بقدرة الإرادة السعودية على تجاوز هذه المرحلة وتحقيق طموحات لا يحدها سوى السماء .

وكلمتي الأخيرة اوجهها للمسؤولين فتحرير الاقتصاد يجب أن يأتي متماشيا مع ايجاد سوق تنافسي ، فإن انجزتم  تحرير أسعار الطاقة في وقتها فهو غير كافي لا بد أن تأتي الخطوه متوافقه مع تحويل شركة الكهرباء الى التنافسية كما اقرتها أهداف الرؤية ، كذلك فأن رفع أسعار البنزين والديزل يتطلب فك احتكار شركة ارامكو بتزويد السوق بالمنتجات البترولية وفتح التنافسيه للأسواق من الخارج .

نتطلع الى خطوات جادة للتحول الكامل لاقتصاد السوق فنحن كشعب متوحد خلف قيادته عقدنا العزم على تحقيق رؤيتنا ونعرف أن هناك سوف تكون مصاعب وتحديات وتضحيات وأن السير الى الأمام صعب لكن الرجوع الى الخلف سقوط في الهاوية .

خاص_الفابيتا