تواجه شركات التأمين في المملكة تحديات عديدة سببت تراجع نموها وأرباحها، بل وتراكمت خسائر بعضها التي بلغت في معظم المتعثرة منها أكثر من 75% من رأس المال المستثمر. إن كثرة الحوادث وزيادة تكلفتها المادية والبشرية جعلت التأمين مكلفاً على المواطنين وغير مربح بالنسبة للمستثمرين. يعول على قطاع التأمين في التوظيف والمساهمة في اجمالي الناتج المحلي. وقد بدأ يساهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، فقد نجح في أن يكون قوة جديدة تدعم حجم الأرباح التشغيلية التي حققتها الشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية، حيث قللت الأرباح الكبيرة لشركات التأمين، من نسبة التراجع في ربحية بقية الشركات المدرجة، إذ سجلت الشركات المدرجة في تعاملات السوق انخفاضًا تبلغ نسبته 4.9 في المائة في ربحية العام الماضي. 2016م.
وبالرغم من صدور المرسوم الملكي السامي بالموافقة على تنظيم نشاط قطاع التأمين في المملكة في عام 1424هـ إلا أنه يواجه مشاكل كثيرة منها الإجرائية والمالية والهيكلية. ولقد أسندت مهمة الإشراف على قطاع التأمين لمؤسسة النقد العربي السعودي التي رخصت حتى الآن لخمس وثلاثين شركة تأمين بمختلف الأحجام ومجالات التأمين، إلا أن عمل هذا النشاط وحجم سوقه البالغ أكثر من 32 مليار ريال لا يزال متواضعاً وضعيفا مقارنة بقطاع التأمين في الدول الصناعية المتقدمة وبعض الدول النامية.
وعلى الرغم من ربحية قطاع التأمين إلا أنه لا يزال يعاني مشكلات عديدة أهمها التأخير والمماطلة في تسديد مستحقات المتضررين من الحوادث سواءً كان الـتأمين شاملاً أم ضد الغير. وسبب تدني أداء شركات التأمين واضح ويتمثل في ضعف المهنية والمصداقية في ممارسات بعض شركات التأمين، وكذلك ضعف التدفقات النقدية من عقود التأمين، حيث أصبحت تكلفة المطالبات أكثر من الإيرادات بسبب كثرة الحوادث وارتفاع تكاليفها. ولا نتجاهل الفساد الإداري والمالي في بعض شركات التأمين، حيث يساهم في ضعف ادائها وأرباحها. ولقد بلغت خسائر بعض شركات التأمين في المملكة ثلاثة أرباع مثيلاتها في الأسواق العالمية بسبب كثرة الحوادث المرورية وطريقة تعامل مؤسسة النقد العربي السعودي مع بعض الحالات، ناهيك عن قيودها المجحفة فيما يخص الاستثمار من قبل شركات التأمين.
تكفل إدارة النزاعات في مؤسسة النقد العربي السعودي حقوق المؤمِّنين، لكن بعض الإجراءات بطيئة ومجحفة لشركات التأمين. ولا ننسى أن هناك اطرافاً أخرى تساهم في تراجع ارباح شركات التأمين ومنها شركة نجم والمرور، حيث إن من شروط وثيقة التأمين أن مخالف حركة السير أو قاطع الإشارة أو من يكون في حالة غير طبيعية لا يشمله التأمين. ويحتاج معاين الحادث سواء من المرور أو من شركة نجم إلى التدقيق في هذه الحالات غير الطبيعية بما يضمن حق شركة التأمين والمتضررين. وهنا تقع المشكلة بأن شركات التأمين لا تستطيع التأكد من وضع السائق في هذه الحالات وتقوم بالتعويض سواء كان التأمين شاملاً أم ضد الغير ما يؤثر سلباً في ارباح شركة التأمين. وقد تكون نسبة مثل هذه الحالات ضئيلة إلا انها تشكل تكلفة كبيرة على شركات التأمين، حيث تبلغ نسبة هذه الحالات من المؤمنين والمستفيدين حوالي ثلاثة في المائة من إجمالي المؤمنين.
المشلكة التي تواجه شركات التأمين بصفة عامة والصغيرة بصفة خاصة أن تكاليف المطالبات عالية جدا مقارنة بالإيرادات المنخفضة، لذلك غالبيتها لا تحقق ارباحاً تشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمار في هذا القطاع الواعد، بل كثير منها تقترب خسائرها من 75% من رأس المال. وقد أوقفت هيئة سوق المال عددأ من هذه الشركات لان خسائرها بلغت 75% من رأس المال.
شركات التأمين بحاجة للخبرة والمعرفة ورأس مال قوي يدعمها بقوة في مواجهة الأزمات الاقتصادية لأن طبيعة نشاطاتها خدمية مالية تتطلب المعرفة وقوة التدفقات المالية لمواجهة المطالبات، خاصة أن مفهوم التأمين غير ناضج عند شريحة كبيرة من المؤمنين على سياراتهم، خاصة بعض صغار السن الذين لا يكترثون كثيراً بالسلامة المرورية، ما ساهم في ارتفاع عدد الحوادث وارتفاع تكاليفها المادية والجسدية. ولن يكون علاج مشكلة ضعف رأس المال بزيادته من خلال أحقية الاكتتاب ما دامت إداراتها تعاني مشاكل مهنية عديدة، فقد زاد عدد منها رأس المال المستثمر، لكن لا تزال مشاكلها المالية قائمة لأن سوء أداء إدارة مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية لم يتغير بما يتناسب مع متطلبات الحوكمة الفاعلة للشركات.
ولا بد لإدارات شركات التأمين أن تدرك المشاكل المؤثرة في أدائها لمعالجتها، حيث إن عدداً كبيراً من شركات التأمين الصغيرة والمتوسطة والمدرجة في سوق الأسهم السعودية مهددة بالافلاس إن لم تتخذ القرار المناسب بالاندماج كخيار استرتيجي لتحسين أدائها وتحقيق الإيرادات والأرباح المناسبة لنموها وتوسعها الأفقي.
ولقد شهد سوق الأسهم السعودية عجزاً كبيراً في ايرادات بعض شركات التأمين الصغيرة والمتوسطة لأنها دخلت السوق من غير دراسة جادة لعوامل كثيرة تؤثر في أدائها مثل حجم السوق وعدد المنافسين وسرعة إجراءات الترخيص لمزاولة التأمين، حيث انتظر بعضها سنوات عديدة للحصول على موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي لتقديم الخدمات التأمينية. ويبلغ عدد شركات التأمين المدرجة في سوق الأسهم السعودية 33 شركة.
وسيكون للاندماج بين شركات التأمين المرخصة والمدرجة في سوق الأسهم السعودية تأثير ايجابي كبير نتيجة للقوة التآزرية المالية التي تزيد من ايراداتها وكفاءة أدائها وربحيتها وقوة منافستها بين الشركات الإقليمية والعالمية التي ترى في قطاع التأمين في المملكة فرصة استثمارية واعدة.
نقلا عن اليوم