تنويع مصادر الدخل للدولة وفق رؤية المملكة 2030 بعيدًا عن تأثير إيرادات النفط يأتي عبر سلسلة من الإجراءات، أحدها الصندوق السيادي المتوقع أن يكون الأكبر في العالم بعد ضم العديد من الشركات الحكومية له وعلى رأسها أرامكو، إضافة إلى الاستثمارات الأجنبية، وإذا كان هدف الصندوق العوائد من أرباح الشركات التي يستثمر بها لتكون مورداً رئيساً للميزانية العامة، إلا أن له أهدافاً تنموية عديدة لدعم إستراتيجيات تطوير القطاعات الرئيسة محلياً وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وتوليد فرص العمل والمساهمة بجذب الاستثمارات للاقتصاد الوطني.
فالصندوق سيرفع استثمارته الأجنبية إلى 50 %، وقد بدأ فعلياً بذلك مثل الاستثمار بنسبة 45 % من رأس مال صندوق سوفت بنك للاستثمار بالتقنية عالمياً، وسبقه أيضاً الاستثمار بشركة أوبر المعروفة، وكذلك وقع العديد من العقود للاستثمار في دول عربية مثل مصر والأردن وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية بالبنية التحتية، وفي دول عديدة. لكن عند النظر بما تستهدفه الرؤية من نهوض بالصناعة محلياً وزيادة المحتوى المحلي فإنه يمكن للصندوق اختصار الوقت أمام تحقيق الأهداف البعيدة المدى للنهوض بالصناعة بالعديد من أنشطتها وبقطاع الخدمات عموماً والمالي خصوصاً.
فيمكن للصندوق سواء بشكل مباشر أو عبر الشركات الوطنية التي يستثمر الاستحواذ على حصص بشركات صناعية عملاقة كصناعة السيارات إذا كان الهدف فتح خطوط إنتاج محلية وزيادة المحتوى المحلي بما أن المملكة من أكبر منتجي البتروكيماويات التي تدخل بصناعة السيارات، وأيضًا سيكون لدينا إنتاج ضخم من الألمنيوم، فشركة فورد قيمتها السوقية لا تزيد عن 50 إلى 60 مليار دولار على سبيل المثال، ومثلها شركة جنرال موتورز والكثير من الشركات العالمية بهذا القطاع يمكن شراء حصص جيدة فيها تسمح بفتح آفاق تعاون كبيرة. فالصين عندما استحوذت على شركة فولفو السويدية من خلال شركة جيلي الصينية لصناعة السيارات وبقيمة 1.8 مليار دولار كان هدفها الرئيس نقل التقنية للصين لاختزال الوقت أمام تطوير صناعة السيارات لديها، والأمر ذاته ينطبق على حاجتنا لتوطين نشاطات صناعية بالطاقة والمواد الغذائية والأجهزة الطبية والأدوية، فالإمكانات متاحة لصفقات استحواذ كبيرة ومهمة في المجالات التي تخدم الرؤية التنموية الكبرى للمملكة.
أما في القطاع المالي فإن الاستحواذ على حصص مؤثرة في بنوك عالمية كبرى سيساعد على تطوير الصناعة المالية في المملكة في حال تحقق التعاون الواسع لانتقالها إقليميًا للمملكة وبنشاط مصرفي كامل كبقية البنوك المحلية المرخصة، فالعديد من البنوك العالمية الكبرى يمكن الحصول على حصص فيها كون قيمها السوقية بمتناول إمكانات الصندوق السيادي، والأمر ذاته ينطبق على شركات خدمية عالمية عديدة بمختلف الأنشطة، مما سيعزز من فرص اختصار الوقت لتحقيق الأهداف التنموية بنقل تلك الصناعات والخبرات للاقتصاد المحلي سريعاً دون الحاجة لعقود أو سنوات طويلة للنهوض بالقطاعات الرئيسة المستهدفة بالرؤية الإستراتيجية.
الصندوق السيادي يمثل أحد أهم أذرع التنمية للمملكة ويعول عليه كثيراً بالمستقبل لاختصار الوقت أمام دعم الصناعة والخدمات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة محليًا عبر استحواذات بشركات عالمية ذات إمكانات كبيرة وخبرات وتقنيات نحتاج لسنوات طويلة لاكتسابها، بينما يمكن اختصار المدة من خلال الاستثمار بها وفق رؤية بعيدة المدى وواسعة التأثير بالاقتصاد الوطني.
نقلا عن الجزيرة