معركة التّنين ضد النسر الأميركي في أسواق البترول (2 - 2)

03/12/2017 0
د. أنور أبو العلا

قبل أن أبدأ كتابة هذا الجزء من المقال كنت أعتقد أن كل الذي يحتاجه إنشاء سوق آجل للبترول يتعامل باليوان هو فقط توفر ثلاثة عوامل: أولاً إيجاد مزيج بترول آسيوي (على غرار: مزيج برنت وبترول غرب تكساس) لتداوله في هذه السوق. وثانياً اقتناع الدول المصدرة للبترول أن تقبل اليوان بدلاً من الدولار ثمناً لبترولها الذي ستصدره إلى الصين. وثالثاً قدرة الصين على توفير الذهب الكافي لتغطية اليوان الذي ستشتري به البترول.

لكن بعد أن بدأت الكتابة اكتشفت أن الموضوع أعمق بكثير من مجرد توفر هذه العوامل الثلاثة المذكورة أعلاه، بل إنه يحتاج إلى مستوى عال من التنظير لمعرفة مدى ارتباط سعر برميل البترول في هذه السوق الآسيوية بسعر برميل البترول في سوق مزيج برنت وسوق بترول غرب تكساس اللتين تتعاملان بالدولار.

نحن نعرف الآن أن سعر برنت وسعر غرب تكساس يسيران في نفس الاتجاه فهما يرتفعان معاً وينخفضان معاً ولكن ليس على وتيرة واحدة، فأحياناً يتقاربان إلى أن يصل الفرق بينهما أقل من دولار واحد، وأحياناً يتباعدان إلى أن يصل الفرق بينهما أكثر من عشرين دولاراً من غير وجود سبب واضح يُفسّر لنا هذ العلاقة التي تحتاج للبحث والدراسة والتحليل.

لذا سأترك الآن بحث هذا الجانب النظري الشائك إلى مقال (وربما أكثر من مقال) مستقل ونتحدث الآن فقط عن العوامل الثلاثة التي ذكرناها أعلاه.

أولاً إيجاد مزيج بترول آسيوي: من المُرجّح أن تختار الصين مزيجاً من بترولها الصيني للتداول في السوق الآسيوي الآجل ليكون سعره هو المؤشر (على غرار: سعر برنت وسعر غرب تكساس) ليحل مكان متوسط بترول دبي وعمان المستخدم حاليًا كمؤشر للبترول الذي يتم تصديره إلى الصين ودول آسيا الأخرى.

ثانياً قبول الدول المصدرة للبترول اليوان ثمناً لبترولها: الواقع أنه إذا بقيت أسعار البترول منخفضة في حدود 55 دولاراً فلن تجد الصين صعوبة في أن تقبل معظم الدول التي لها تجارة كبيرة مع الصين اليوان، لكن المشكلة تبدأ عندما يرتفع سعر البترول إلى فوق 65 دولاراً فغالبا سيحدث فائض متراكم كبير قي الميزان التجاري الثنائي للدول الرئيسة (كالمملكة) مع الصين وتتردد الدول المصدرة للبترول في قبول اليوان ثمناً لبترولها.

ثالثاً توفر الذهب الكافي لدى الصين لاستبدال اليوان للدول التي تختار تحويل اليوان إلى الذهب، وهذا سيشكل صعوبة لا سيما عند ارتفاع أسعار البترول، فتعجز الصين عن استبدال اليوان بالذهب، وتحدث الخلافات بين الصين والدول المصدرة للبترول.

نقلا عن الرياض