يعيش العالم تطورًا كبيرًا بطرق الاحتيال المالي، وخصوصًا مع استخدام التكنولوجيا التي سهَّلت التواصل وطرق التسويق والخداع من قِبل منظمات محترفة، تصل لكل الدول رغم أنها تعمل من مقار مجهولة الهوية في كثير من الأحيان، وقد كبدت الاقتصاد العالمي مبالغ ضخمة، تُقدر بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار وفق بعض التقديرات بحسب تصنيفات واسعة لطرق الاحتيال المالي.
ورغم حملات التوعية إلا أن الوقوع في براثن هؤلاء المحتالين ما زال يشكل زيادة عالمية، والمملكة بوصفها دولة ذات اقتصاد منفتح على العالم يتعرض سكانها لمحاولات احتيال مالي عبر إغراءات عديدة لمن يقعون ضحايا هذا الاحتيال؛ فالمملكة تصنَّف من أقل الدول تعرُّضًا لهذه القرصنة من المحتالين نتيجة لإجراءات عديدة، تقوم بها مؤسسة النقد بالتعاون مع البنوك السعودية التي بالمناسبة أطلقت حملة توعوية قبل أيام بعنوان «مو علينا»، تهدف إلى رفع مستوى الوعي بالمجتمع لتقليل الوقوع بقبضة المحتالين؛ إذ ركزت على بعض الطرق التي باتت تنتشر بكثرة، مثل الإغراء بالربح السريع، والتوظيف الوهمي، والوكالات غير محددة الأغراض.
لكن كل تلك الجهود تتطلب لنجاحها أيضًا تعاون المجتمع من خلال التقصي والحذر في التعامل مع أي جهة غير معروفة تقوم بتسويق منتجات مالية، أو التواصل الهاتفي لتقديم عروض كالمضاربة بالعملات والسلع من قِبل شركات مجهولة، ولا يُعرف هل هي تملك ترخيصًا من جهات عالمية مرموقة وموثوقة.. فمن المهم التعاون من عملاء البنوك بالتبليغ والاستفسار عن أي منتج يتم تسويقه عليهم من خلال التواصل مع خدمة العملاء بالبنوك، وأيضًا التبليغ عن أي حساب بتويتر أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي تسوِّق الوهم والكذب بمنتجات تغري بالربح الوفير والسريع أو تطلب المساعدة بأمور مالية من الواضح أنها غير نظامية.. فعدد الحسابات التي تروج لمنتجات تندرج تحت الاحتيال المالي يصل إلى 458 ألف حساب في تويتر مما يستوجب الحذر من عملاء البنوك كافة من الأفراد، إضافة إلى الحذر من الرسائل التي تسوق لمنتجات هدفها الاحتيال، سواء بالجوال أو بالإيميل.
الاحتيال المالي ظاهرة عالمية، أصبحت مقلقة؛ لأنها تهدد بفقدان الثقة في التعاملات المالية، وباتت تشكل بحجمها ما لا يقل عن 5 % من حجم الناتج الإجمالي العالمي. والجهود للتصدي له لا تقف عند جهة واحدة بل تشمل الأطراف كافة من مؤسسة النقد وبنوك وعملاء وهيئات الاتصالات والتجارة الاستثمار، وغيرها ممن لهم علاقة مباشرة بكشف طرقه، والتوعية والتصدي له.
نقلا عن الجزيرة