معركة التنين ضد النسر الأميركي في أسواق البترول 1 - 2

26/11/2017 1
د. أنور أبو العلا

الجدل الذي يدور على مدار الساعة الآن في الوسط الإعلامي المختص بأسواق البترول هو عزم الصين فتح سوق آسيوية عام 2018 للتعامل في البترول الآجل (Futures) على غرار سوق برنت الآجل في لندن وسوق بترول غرب تكساس الآجل في نيويورك.

الجوهر الجديد في هذه السوق الآسيوية هو أن تسعير البترول الخام سيكون ليس بالدولار كما هي الحال الآن في سوق لندن الآجل وفي سوق نيويورك الآجل بل سيكون تسعير البترول الخام في السوق الآسيوية باليوان (العملة الصينية).

لكي يتم تفعيل ونجاح هذه السوق الآسيوية ينبغي: أولاً إيجاد مزيج بترول آسيوي (أو خليجي) للتداول في هذه السوق الجديدة على غرار مزيج برنت الأوروبي ومزيج بترول غرب تكساس الأمريكي واستخدام سعر مزيج البترول الآسيوي كمؤشر لأسعار البترول الذي تستورده الدول الآسيوية من الدول المصدرة للبترول. وثانياً ينبغي أيضاً إقناع الدول المصدرة الرئيسة للبترول إلى الصين بأن تقبل اليوان بدلاً من الدولار ثمناً لبترولهم.

الذين كتبوا ويكتبون عن هذا الموضوع عدد كبير من الكتاب والمقالات والتقارير في شتى أنحاء العالم. لكن معظمهم يتناولون الموضوع من ناحية الانعكاسات وردود الأفعال وبالتالي التأثير على العلاقات السياسية والاقتصادية القائمة الآن بين الدول الرئيسة المصدرة للبترول وإعادة تشكيل علاقتهم بأمريكا والصين في المستقبل.

أنا هنا سأتناول الموضوع بعيداً عن العلاقات السياسية والاقتصادية وسأركز فقط على الناحية التكنيكية (أي إمكانية التطبيق العملي لاستخدام اليوان المغطى بالذهب بدلاً من الدولار لتسديد ثمن البترول الذي تستورده الصين من الدول الرئيسة المصدرة للبترول).

سأخصص بقية مقال اليوم لوصف الوضع الحالي للصين في أسواق البترول تمهيداً لمقال الأسبوع القادم الذي سنحاول – إن شاء الله – أن نجاوب فيه على السؤال الجوهري: هل حقاً من الممكن أن تستطيع الصين أن تفرض (كما يدعي بعض الكتاب) على الدول التي تستورد منها البترول أن تقبل اليوان ثمناً للبترول الذي تصدره إلى الصين.

لا شك أن الوضع الحالي للصين في السوق العالمي للبترول جوهري فهي أكبر دولة مستوردة للبترول فلقد بلغ متوسط استيرادها 9.21 ملايين برميل في اليوم (أي 3.36 مليارات برميل في السنة) عام 2016 ولو افترضنا أن الذي ستستورده السنة القادمة (عام 2018) نفس متوسط السنة الماضية (عام 2016) وبأن متوسط سعر البترول عام 2018 سيكون 60 دولاراً للبرميل فإن إجمالي الذي ستدفعه الصين هو 201.6 مليار دولار.

بينما في نفس الوقت فإن القيمة الإجمالية لاحتياطي الذهب لدى الصين الآن هو حوالي 90.6 مليار دولار.

نقلا عن الرياض