رغم ان صندوق الاستثمارات العامة قد تأسس في عام 1971، إلا أنه لم يكن له أثر يذكر في الاقتصاد السعودي وبرامج الاستثمار الخارجي إلا بعد انتقاله من وزارة المالية إلى مجلس الاقتصاد والتنمية، وهو ما أدى إلى تغير جذري في دور الصندوق كلاعب أساسي في الاستثمار المحلي وبرامج الاستثمار الخارجي، وتحول خلال فترة قصيرة إلى مارد مالي رغم عدم استفادته من حقبة الطفرة النفطية كما يجب.
وهذا يدل على أن المسألة ليست موارد مالية دائما، وإنما سياسات اقتصادية وتدابير عامة وأن عمليات الهيكلة والسياسات المالية الحصيفة يمكن أن تعمل العجب، وهذا مثال حي نسوقه في مرفق واحد فقط، ويمكن تقديمه كنموذج بين دور حاضر ودور سابق، مع مثل هذا الفارق الكبير بين النسختين، وهو ما ينسحب حقيقة على جملة من الموارد والمرافق العامة في الدولة.
لقد بح صوتنا وبح صوت جملة من الاقتصاديين والكتاب الذين أجمعوا على أهمية إقامة صندوق سيادي يقوم بهذا الدور لتعزيز دور المملكة ماليا على الساحة الخارجية وتحقيق موارد عامة للبلاد داخليا، ودفع عجلة الاقتصاد المحلي عن طريق قيادة الشراكات العالمية والمستثمرين الأجانب نحو إقامة تجمعات اقتصادية كبرى في البلاد وكان الرد يأتي واحدا: «لا نحتاج لصندوق سيادي» و«مؤسسة النقد تقوم بهذا الدور»، وبذلك لم يتغير دور وأداء الصندوق إلا بعد أن خرج من عباءة المالية، ولم يخرج منها إلا بعد قيام المجلس، ولم يقم المجلس إلا بوجود هذا الأمير الفذ محمد بن سلمان.
لن نبكي على الأطلال، لكن عليك أن تتصور لو أن الصندوق قام بهذا الدور منذ تأسيسه أسوة بالصناديق المالية الأخرى، كم سوف تصبح أصوله حاليا خصوصا لو تم اقتطاع كل أو بعض الفوائض الكبيرة وقت الطفرات النفطية والمالية التي مرت بها البلاد !
الصندوق سوف يكون ماردا عالميا بعد اكتتاب أرامكو ولاعبا أساسيا في جلب الاستثمارات وعقد التحالفات مع الشركات العابرة للقارات لجلب التقنية وتوطين الصناعات والخدمات اللوجستية للمملكة والاستفادة من موقع وسوق البلاد لتحقيق قفزات اقتصادية تقوم على اقتطاع نصيبنا المشروع من كعكة التجارة الدولية وصناعاتها الأساسية والخدمية والتي راحت لغيرنا.
أنا على يقين من كفاءة محفظته المالية وخبطاته الاستثمارية، والدليل هو ما تحقق خلال عام، لكن أتمنى إعادة إنتاج معايير الحوكمة من جديد وتوسيع مجلس إدارة الصندوق ليشمل غير الحكوميين والاستعانة بأصحاب الخبرة في مجلس الإدارة (أو كمستشارين) من أولئك الذين يتقاعدون تباعا من إدارة مؤسسات مالية عالمية، وإصدار ميزانية عمومية للصندوق تنشر سنويا.
نقلا عن عكاظ
خذ ماتشوف واترك ماتوعد ولاتسبقوا الاحداث ولاتضخموها خذ الامور بعقلانية نتمنى نجاح الخطط المطروحة من سمو الامير