ارتفعت وتيرة التوقعات في شأن رفع سعر الخصم من جانب البنوك المركزية الرئيسية بعد أن تحسنت مؤشرات النمو في الكثير من الدول الصناعية، وتبين أن معدلات التضخم أخذت في الارتفاع. ويتوقع المراقبون الاقتصاديون في المؤسسات المالية الرئيسية أن يتراوح معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة من عام 2017 إلى عام 2020 من 2.3 إلى 2.6 في المئة، وفي منطقة اليورو من 1.9 إلى 2.9 في المئة خلال الفترة ذاتها. أما الصين فيمكن أن تحقق معدلات نمو تتراوح بين 5.8 و6.7 في المئة، في حين ستحقق اليابان بين 0.9 و1.7 في المئة. وتمثل هذه المعدلات تطوراً جيداً في أداء الاقتصاد العالمي والذي عانى مخاض الركود لفترة طويلة منذ العام 2008...
هل سيعني ذلك قراراً لرفع سعر الخصم خلال الفترة المتبقية من العام، أي في الربع الأخير؟ ربما، لكن هناك مقاومة من أطراف عدة، إذ يرى اقتصاديون ورجال أعمال أن هناك أهمية لإبقاء عوامل التنشيط الاقتصادي والتي تساهم في تحسين معدلات الأرباح للشركات وفي تمكين مجتمع الأعمال من خلق مزيد من فرص العمل.
فألمانيا لا تزال تتمتع بمعدل تضخم مقبول لا يزيد على 2.0 في المئة ولا يتوقع ارتفاعه خلال الأشهر والسنوات القليلة المقبلة. أما معدل النمو، فإن هناك توقعات تتراوح بين 1.5 و1.8 في المئة خلال 2017 و2018، إضافة الى توقعات بأن يرتفع عدد أفراد قوة العمل النشطة بمقدار 1 مليون عامل في كل من 2017 و2018. كذلك انخفضت معدلات البطالة في ألمانيا إلى 4.0 في المئة، خلال العام الحالي. ويبدو أن البلدان الأوروبية الأخرى، على رغم تحسن الأداء الاقتصادي، لا تزال تواجه مشكلات البطالة بشكل أكثر جدية اذ يصل معدل البطالة في فرنسا إلى 9.6 في المئة و11.6 في المئة في إيطاليا و17.2 في المئة في إسبانيا.
إن حكومات هذه البلدان قد تكون في أوضاع صعبة عندما تحاول تعديل أنظمتها وقوانينها بهدف إنجاز الإصلاحات الاقتصادية المنشودة، كما هي الحال في فرنسا الآن ومحاولات الرئيس ماكرون تطبيق برنامجه الاقتصادي. فكيف يمكن رفع السن التقاعدية وتقليص الالتزامات الاجتماعية وخفض الإنفاق الحكومي من أجل بلوغ مستوى العجز المقبول في منطقة اليورو، وهو 3.0 في المئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي؟ هذه الأوضاع قد تؤدي إلى إعادة النظر في مسألة رفع الخصم من البنك المركزي الأوروبي. وتظل مستويات أسعار الخصم متهاودة، إذ لا يزيد السعر المعتمد من جانب مجلس الاحتياط الفيديرالي في الولايات المتحدة على 1.25 في المئة، وسعر خصم «بنك إنكلترا» 0.25 في المئة، في حين يظل سعر الخصم لدى البنك المركزي الأوروبي صفراً.
وإذا تمعن المرء بالاقتصاد الصيني، فإن هناك قراءات متباينة للآراء. إذ تتمتع الصين بمعدل نمو جيد يمكن أن يصل إلى 6.7 في المئة خلال هذا العام، ويمكن أن يتراوح بين 6.3 و6.4 في المئة حتى عام 2020. لكن هناك مخاوف من ارتفاع حجم الديون المتنوعة، الحكومية والعائلية وقطاع الأعمال، إلى مستويات عالية اذ يتوقع مراقبون أن تصل إلى 300 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي عام 2022 من مستواها الحالي المقدر بـ242 في المئة من الناتج.
من جانب آخر، لا يزال الاستهلاك المحلي متواضعاً وما زال الاقتصاد يعتمد على الصادرات، في حين يصل معدل الادخار المحلي إلى 46 في المئة من قيمة الناتج المحلي، مرتفعاً 26 في المئة عن المعدل العالمي للادخار. وربما يفسر ذلك تواضع مستويات المعيشة في الكثير من الأقاليم الصينية. الاقتصاد الأساسي الآخر وهو الاقتصاد الياباني فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي 1.4 في المئة، متحسناً بارتفاع التبادل التجاري في المنطقة الآسيوية. وقد تحجم الحكومة عن تقديم حوافز مالية خلال العام المقبل، لكن ارتفاع معدلات الأرباح لدى قطاع الأعمال قد تبقي النمو على معدلات مقبولة وقد تحسن إمكانات خلق فرص العمل. ولا تمثل البطالة هاجساً مهماً في اليابان حيث لا يتجاوز المعدل 3.1 في المئة من قوة العمل. كما أن معدل التضخم ما زال متواضعاً لا يزيد على 0.3 في المئة. لذلك، فإن «بنك اليابان» (البنك المركزي)، حافظ على معدل خصم لا يزيد على 0.3 في المئة. وهكذا يتضح أن الاقتصادات الرئيسية تتباين بشكل معقول في أدائها.
نقلا عن الحياة
المهم في الموضوع أستاذ عامر ماآثر هذه التوقاعات اامتفائلة على اقتصادات المنطقة عامة والخليجية خاصة .. وشكرا .