مسؤولية البنك السعودي الفرنسي عن إعلانه المنشور 11/10/2017م

12/10/2017 4
عاصم العيسى

نصت لائحة (قواعد التسجيل والإدراج) الصادرة عن هيئة السوق المالية، في مادتها (40) الخاصة بوضوح المعلومات وصحتها، على وجوب أن يكون أي إفصاح من الشركة للجمهور والهيئة كاملاً وواضحاً وصحيحاً وغير مُضَلل. بل إنه يجب على الشركة تقرير نشر إعلانات للجمهور للرد على أي شائعات تتعلق بأي تطورات جوهرية تحصل في الشركة، ولهيئة السوق المالية (أيضاً) إلزام الشركة بذلك إذا اقتضى الأمر. 

وباستقراء إعلان البنك السعودي الفرنسي المنشور بالأمس (11/10/2017م)، نجد أن البنك قد أوضح أن المُخالفة التي حصلت لديه، تخص (برنامج العمليات الخاصة بحوافز الموظفين بالأعوام الماضية)، ثم شرح ذلك: "بوجود تجاوزات للصلاحيات الممنوحة لعدد من العمليات الخاصة بحوافز عدد من موظفي البنك، نتج عنها دفعات مالية مُخالفة لسياسة برنامج التحفيز المُعتمد".

والسؤال القانوني الأهم هنا: هل الإعلان السابق هو التوصيف الفعلي لما حصل؟ حيث وصَفت العبارة؛ المُخالفة التي حصلت بأنها مُرتبطة بأخطاء إدارية مُتعلقة بتجاوز الصلاحيات، فيما يخص الدفعات الخاصة ببرنامج تحفيز الموظفين. وبالتالي فلا احتيال أو اختلاس مالي.

ثم أضاف الإعلان أنه (وفي هذا السياق فلا يتوقع المجلس نتيجة لما ذُكر أعلاه وجود أي تغييرات جوهرية في القوائم المالية للبنك)، ويأتي السؤال القانوني لدي أيضاً، أنه لو أظهرت التحقيقات وجود اختلاسات بمبالغ (قد تصل إلى حوالي النصف مليار ريال كما يُتداول عن ذلك بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي)، وأثّرَ ذلك على القوائم المالية للبنك، فما مسؤولية مجلس إدارة البنك وإداراته عن إعلانه؟!.

لقد تعلمتُ في الابتدائي (إن في الصدق النجاة)، وأن التزام البنك تجاه الجمهور وعملائه هو الإفصاح الدقيق عن أية تطورات، ولا يُريد السوق غير الصدق والمُصداقية، وأن ما يحدث في الكثير من الإعلانات التي تنشرها الشركات المُدرجَة، من عبارات مُنَمّقة، تضر السوق، وهي تضرُ قبل ذلك أصحابها.

يا سادة: إن كان ما حصل في البنك؛ اختلاس واحتيال، فلنُعبِر عنه بوصفه، بل إنني أرى قانونياً أن ذلك أسلم لمجلس الإدارة، حيث الجريمة شخصية يُساءل عنها من ارتكبها، أما المُخالفات الإدارية فقد تجُرُ في المسؤولية عنها، آخرين، هم إدارات الرقابة والتفتيش ومراقبة الاحتيال والمراجع الداخلي والخارجي، والإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، كلٌ بحسب التزامه ومسؤولياته الإدارية والرقابية، فنحذر !!.

لقد جاء إعلان البنك بأنه كَلّفَ فريق متخصص للقيام بالفحص والتفتيش لمعرفة التجاوزات والمُتسببين فيه، والجمهور ينتظر النتيجة.

وما أخشاه، أن تبرد حَمَاوة الخبر مع الأيام، وفي السوق تجارب سابقة لذلك، فها هي (موبايلي)، مضى على تجاوزاتها قرابة الأربع سنوات، ولا حسٍ ولا خبر. مع ملاحظة أوجه الشبه بين الشركتين، فكلتاهما (السعودي الفرنسي وموبايلي) شركتان يملك فيهما شريك أجنبي، يُعيِن بعض أعضاء مجلس الإدارة تعييناً لا انتخاباً من الجمعية العمومية، وكلتاهما وقت حصول المخالفة يرأسهما رئيساً تنفيذياً غير سعودي، وفي كلتيهما المراجع الخارجي وقت المخالفة: (برايس ووتر هاوس كوبرز) !.

لقد كتبتُ عند فضيحة (موبايلي) أن الأهم مصداقية السوق، مما يتطلب تفتيشاً مُتخصصاً ومُساءلة مُتسبب وتعويض مُتضرر، والأهم ألا تتكرر مثل تلك المخالفات، بمراجعة التنظيمات الرقابية وتفعيلها. وها أنا أقول هذا اليوم، والجمهور معي ينتظر، جلاء الحقيقة كاملة ومُساءلة المُخالف والجاني، وتفعيل أدوات الرقابة والحوكمة، كي لا تعود.

حيث السؤال مطروح: كم بنك أو شركة مساهمة أو صندوق فيه من التجاوزات الكبيرة، والتي لم تُكتشف بعد، وربما لن تُكتشف! كم رئيس مجلس إدارة تضاعفت ثروته مئات المرات بين دخوله وخروجه المجلس! ولا أحد يَسأله من أين لك هذا؟!. 

حفظ الله بلادي ومُقدراته.

خاص_الفابيتا