تشهد البيئة الاستثمارية في المملكة مؤخراً تغييراً ملحوظاً من أبرز ملامحه زيادة وابتكار المنتجات الاستثمارية وتطور صناعة إدارة الأصول ويظهر ذلك واضحاً من خلال الخطط التوسعية التي تنوي هيئة السوق المالية القيام بها والتي ذكرتها في تقرير مجلس الإدارة الأخير لعام 2016. ومنها إنشاء منصة جديدة للتداول "نمو" وهي للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأحد أهم المنتجات الاستثمارية والتي تستهدف شريحة واسعة من المستثمرين هي الصناديق الاستثمارية، وهي عبارة عن برنامج استثماري يتم فيه تجميع الأموال من المدخرين بهدف إدارتها تحت إشراف خبراء ماليين لتحقيق أكبر عائد ممكن تحقيقه للمستثمرين، وقد مرت بالعديد من المراحل حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من تطور ملحوظ.
أعتقد أنه قد حان الوقت لتطوير آلية بيع وشراء الوحدات الاستثمارية لهذه الصناديق، حيث إن الطريقة المتبعة حالياً هي فتح حساب لدى مدير الصندوق ومن ثم الاشتراك في أحد الصناديق الاستثمارية التابعة له وهكذا كلما رغب العميل بصندوق استثماري معين وجب عليه التوجه إلى "مدير الصندوق" وتكرار نفس الطريقة، ناهيك عن تحديث بياناته كل ثلاث سنوات لدى مدير الصندوق.
ولكن ماذا لو تم تجميع جميع الصناديق الاستثمارية "غير المتداولة" الحالية في منصة واحدة وبمجرد أن يقوم العميل بفتح حساب استثماري لدى أي شخص مرخص له أو وسيط تظهر له قائمة بالصناديق الاستثمارية على غرار الشركات المدرجة، وبإمكان العميل وضع طلب لشراء/بيع الوحدات المطلوبة من أي صندوق تتناسب إستراتيجيته مع رغبة العميل وتوجهاته على أن تخضع طلبات الشراء والبيع لسعر التقويم الذي يعلنه مدير الصندوق في يوم التقويم ولا تخضع الأسعار فيها لمبدأ العرض والطلب ويتم التنفيذ بحجز الأموال وتنفيذ الطلب في يوم التعامل القادم وفق ماهو محدد في الشروط والأحكام للصناديق الاستثمارية، بالإضافة إلى خصم الرسوم والمصاريف الإدارية وما إلى ذلك ويتم تسجيل عمليات الملكية والشراء كما هي في يوم التنفيذ في مركز الإيداع لكل مستثمر.
وبهذه الطريقة سيتم تشجيع المستثمرين للتوجه إلى الاستثمار المؤسساتي وتنشيط حركة الصناديق الاستثمارية وتسويقها بطريقة إلكترونية حديثة ومبتكرة، وجعلها متاحة وقريبة لأعين المستثمرين عن طريق إتاحتها في منصة واحدة لعرض جميع الصناديق الاستثمارية وتصنيفها وفقاً لمجالها الاستثماري أو مكونات المحفظة.
هذه الصناديق شهدت في الفترة الأخيرة تطوراً ملحوظاً على مستوى الحوكمة والشفافية وخاصة بعد صدور لائحة الصناديق الاستثمارية المحدثة التي تضمنت توفر الإفصاح والشفافية في التقارير السنوية والأولية للصندوق بهدف تمكين المستثمرين من اتخاذ القرارات بشكل صحيح. بالإضافة إلى العديد من التطورات التي تضمنتها اللائحة من حيث مسؤوليات مجلس إدارة الصندوق والاجتماعات السنوية لجميع مالكي الوحدات في الصندوق.
علماً بأنه يوجد لدى إحدى الشركات الاستثمارية اليوم منصة لعرض بعض الصناديق المتوافقة مع الشريعة ولكنها لاتشمل جميع الصناديق التي في السوق، فقد جاء الوقت المناسب لشركة السوق المالية السعودية "تداول " بإنشاء منصة واحدة لجميع الصناديق الاستثمارية المرخصة من هيئة السوق المالية. وتظهر للمستثمرين بمجرد إنشاء حساب وساطة لدى أي شخص مرخص له. وبذلك سيتم زيادة قنوات الاستثمار رفع الكفاءة الرقمية للأدوات الاستثمارية.
نقلا عن الرياض