كان لإعتدال دورة الأعمال بالمملكة منذ نهاية عام 2014، مع الهبوط الحاد لأسعار النفط من سعر تجاوز عتبة 100 دولار للبرميل إلى أدنى مستوى منذ اكثر من 12عاماً فى يناير 2016 ، دوره في تكثيف الجدل حول تدابير تخفيف الصدمات لدى المملكة، مع العديد من التساؤلات التي تركزت حول ما حجم الإحتياطيات لدى الدولة؟ وماهي أنواعها؟ وإلى أى مدى زمني يمكن أن تتدوم؟ ورغم هذا الجدل الكثيف, كان لبرنامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030 الفضل في تخفيف المخاوف تجاه تدبير وإستخدامات الموارد المالية للبلاد، مع تبني الحكومة لسياسات ضبط واصلاح المالية العامة سعياً لضمان الإستمرارية والثبات للإقتصاد السعودي. وفي تقديري، أن مسألة تقييم كفاية الإحتياطيات والأصول الأجنبية للمملكة في مواجهة الصدمات المتعددة المتشعبة، يظل دوماً مثار إهتمام ونقاش.
وفي البدء، اؤكد على أهمية الإحتياطيات، في هيئة صافي أصول خارجية، كمصدر حاسم لتعزيز السيولة في الإقتصاد إبان دورات الأعمال غير المؤاتية. ويتوقف المستوى الأمثل للإحتياطيات على درجة النضج الإقتصادي، والتعاملات المالية العابرة للحدود، وحجم النظام المصرفي، ومدى إنفتاح حساب رأس المال فى ميزان المدفوعات. وعلى ذلك، تتوفر ثلاثة معايير لتقييم كفاية الإحتياطيات في مواجهة الصدمات؛ أولها تغطية الواردات، والتي تستخدم لقياس القدرة على إستمرارية الواردات من السلع والخدمات، والمستوى القياسي المستخدم على نطاق واسع هو تغطية الواردات لمدة ثلاثة شهور. ثانياً، نسبة الإحتياطيات إلى الدين الخارجي قصير الأجل، والتي تقيس مخاطر إعادة إعادة التمويل بالدولة، مع إعتماد تغطية بنسبة 100% كمعيار قياسي للإقتصادات الناشئة. وقد أضحى لهذا المعيار أهمية حاسمة منذ الأزمة المالية بدول شرق آسيا في عام 1997 التي أحدثها التدهور الحاد لعملات هذه الدول مما أدى لتضخم أعباء مديونياتها نظراً للركون بدرجة عالية إلى الإقتراض قصير الأجل خارجياً. أما المعيار الثالث والأخير فهو نسبة الإحتياطيات إلى الكتلة النقدية، والتي تُعنى بتأثر حساب رأس المال فى ميزان المدفوعات من مخاطر هروب رؤوس المال أثناء الأزمات الاقتصادية. ودرج العرف السائد على وضع المستوى القياسي لهذا المعيار عند مستوى 20%.
ومن خلال تقييم كفاية صافي الأصول الأجنبية للمملكة إستناداً على المعايير المذكورة أعلاه، يتأكد لنا عدم وجود مثار قلق ملح حالياً، حيث أن كل المقاييس أعلى من المعايير القياسية للكفاية المنشودة. وبنهاية العام الماضي، كان صافي الأصول الخارجية يغطي واردات المملكة لحوالي 35 شهراً. كما بلغت 12 ضعفاً للدين الخارجي قصير الأجل، سواءً كان ديناً للقطاع الخاص أم دين عام. أما بالنسبة للكفاية مقارنة للقياس الأعرض للكتلة النقدية، ويمكن أن يكون في حالة المملكة هو ن2 التي تشمل الودائع تحت الطلب والودائع لأجل والودائع الإدخارية، فقد بلغت النسبة 130%. أي أعلى بكثير من مستوى 20% القياسي.
بيد أنه بالنظر إلى حقيقة أن الأزمات الإقتصادية العالمية والإقليمية تُبدي ضغوطها من خلال قنوات عديدة، فإن إستخدام معيار يضم معظم هذه المتغيرات يكون أكثر مصداقية من المعايير المنفردة في حصر طائفة من المخاطر. وبناءً على ذلك، فقد أستُخدم معيار صندوق النقد الدولي للأسواق الناشئة التي تعتمد نظام العملة ذات سعر الصرف الثابت نظراً لأنه يقيم كفاية الإحتياطيات منسوبة إلى الدين قصير الأجل، وخصوم أخرى، والكتلة النقدية، فضلاً عن وضع إعتبار للصادرات التي تتأثر سلباً أثناء الصدمات. وحتى عند تطبيق هذا المعيار المركب الشامل، تبقى الإحتياطيات السعودية كافية للتغطية بستة أضعاف المستوى القياسي. بالتاكيد تراجعت الإحتياطيات منذ عام 2013، لكن بناء على الارقام السالف ذكرها ما زال الإقتصاد السعودي قادر على تغطية متطلباته التمويلية، والصمود أمام تدفقات رأس المال الخارجة، والمحافظة على مستوى وارداته. ومن منظور ديناميكي عوضاً عن التحليل الجامد أعلاه، فإنني على يقين بأن جولة الإصلاحات المالية القادمة ستؤكد كفاية وإستدامة احتياطيات المملكة العربية السعودية
هذه الاحتياطات هى وغيرها اذا لم تستخدم فى توسيع القاعدة الانتاجية فسوف تنفذ مع مرور الوقت وسنجد انفسنا بعد عقد او عقدين من الزمن محملين بديون ضخمة اذا اردنا التحول من اقتصاد ريعى يعتمد على النفط الى اقتصاد متنوع يعتمد على الانتاج الغير نفطى فيجب توسيع القاعدة الانتاجية لدينا سواء كانت صناعية او خدمية وانا الان اشوف هناك توجه كبير نحو التوسع فى القطاع الخدمى عن طريق صندوق الاستثمارات العامة ولكن المهم هو التوسع ايضا فى القطاع الصناعى وهذا يحتاج وقت واموال ولكنه مهم جدا
أنا مندهش أن اقتصادى يكتب للعامة مثل هذه الاشياء. اشكرك على تحليل الموضوع من كل الجوانب الأكاديمية سواء كانت تغطية الواردات، وتدفقات رأس المال إلى الخارج وكذلك في حالة ارتباط العملة كما هو حال الريال. انا قراتها اكثر من مرة