ملتقى بيبان مفتاح الآمال

25/09/2017 1
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

انطلق هذا الأسبوع ملتقى بيبان والذي يقام لأول مرة وبرعاية وتنظيم هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والذي ضم في رأي الشخصي أكبر تجمع رأيته يهتم بهذا القطاع من جميع جوانبه وزواياه، التمويل، المشورة، الخدمات اللوجستية، الحاضنات، المسرعات، الرياديون، المستثمرين، الجهات التنظيمية وغيرهم. بكل تأكيد ان مثل هذا الاهتمام والتفاعل الكبير الذي شهده الملتقي يبشر بالخير نحو تطور موعد لهذا القطاع تحت تحرك ورعاية من الهيئة الجديدة، والتي مازال امامها عمل كبير وجهد منتظر لتحقيق تطور ونمو لهذا القطاع يتوافق مع المستهدف في رؤية المملكة 2030 لترتفع نسبة مساهمته من 22% الي 35%، رغم تواضع المستهدف بالمقياس العالمي والذي يصل الي ما يقارب 52% والذي اجده مستغربا ان يكون طموحنا بهذا التواضع من قبل وزارة التجارة، والتي يجب عليها العمل لرفع المستهدف الي رقم يليق بطموحنا في عام 2030 وان يكون بنفس المعدل العالمي على الأقل.

ان النهوض بهذا القطاع وتنميته ليست بالمهمة السهلة حيث ان اكبر معوقات نموه هي عدم وجود "البيئة" المناسبة والمحفزة له  من جميع الأمور، ولعل أولها واهمها على الاطلاق التنظيمات والتشريعات الحالية الطاردة للاستثمار والمحبطة لأي ريادي ورجل اعمال من بيروقراطية متعبة وجهات رقابية وإشرافيه تحتاج الي من يراقبها، والتي تعاني من الفساد والمحسوبيات واشتراطات تعجزيه تفرض على البعض وتلغي عن البعض، تجعل من بداية اغلب الاعمال التجارية مهمة شاقة، رغم التحسن الطفيف في ترتيب المملكة في تقرير سهولة ممارسة الاعمال الصادر من البنك الدولي لكن مازال بعيدا عن المراكز المتقدمة، حيث حلت المملكة بالمرتبة 96 من اصل 190 دولة مشمولة بالتقرير، وبعيدا جدا عن دولة شقيقة وقريبة كالإمارات، والتي قفزت بالترتيب لتصل الي المركز 26، وهو ما يعكس الوضع الصعب الذي يوجهه رجال الاعمال حاليا بالمقارنة مع بيئة قريبة من السعودية وجاذبة، ويزداد الامر سواء لأصحاب المنشآت الصغيرة حيث القدرات المالية والبشرية محدودة لتحمل تعقيد الإجراءات او تعسف بعض موظفي الجهات الحكومية المعنية، لكن من الواضح ان جهود الدولة سوف تصب في مصلحة تحسين البيئة لهذا القطاع، وهو ما نشهده من المستهدفات في برنامج التحول الوطني والذي يعكس ادراك القيادة بالمصاعب والبيروقراطية الموجودة اليوم والعزم على حلها والنهوض بكفاءة الأجهزة الحكومية.

ان من اهم مهام هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة رعاية هذا القطاع واحتضانه وتيسر الإجراءات والاشتراطات، وأتمنى ان نشاهد انشاء مركز موحد لجميع التراخيص الحكومية بحيث تسهل عملية اصدار التراخيص وجعلها من نقطة ترخيص موحد لتختصر الوقت والجهد وتركز عمل رجل الاعمال والرياديين على البدء وتطوير العمل بدل الركض بين الجهات الحكومية المختلفة لترخيص نشاطاتهم او تجديد رخصهم، ومن بين الأمور المحفزة والتي يجب على الهيئة العمل عليها هي الغاء أي رسوم حكومية على ريادي الاعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة عند البدء ممارسة أعمالهم واعطائهم فترة اعفاء تمتد الي ثلاث سنوات (مثلا) تساعد هذه المنشآت حتى تتقوى وتزيد كفاءتها ماليا ونشاطا بشكل عام، ان مثل هذه التحسينات والدعم يسهل تطبيقه اذا تم العمل بشكل جدى عليه، وهو سوف يقفز بمستوى سهولة ممارسة الاعمال الي مستويات متقدمة ويجذب الكثير من الشباب ورجال الاعمال الراغبين بممارسة أعمال تجارية بقوة وبالتالي سوف يتحقق النمو والنشاط المستهدف في هذا القطاع وبالتالي سوف تتسارع حركة التوظيف والتدريب داخل القطاع والمشتريات والمبيعات ويزيد الزخم داخل الاقتصاد وخصوصا اذا تزامنت مع النجاح في القضاء او على الأقل التخفيف من ظاهرة التستر التجاري وسيطرة العاملة الوافدة على بعض القطاعات التجارية والتي من شأنها مساعدة الشباب لاقتحام مجالات عمل كانت مستعصية عليه بسبب سيطرة العمالة الوافدة ومحاربة دخول المواطنين اليها.

ختاما انه من المبهج رؤية هذا الاهتمام والتفاعل من قبل الجهات الحكومية المعنية والشباب والشابات في الملتقى، ويبشر بالخير نحو تحسن حقيقي وفعال في هذا القطاع الذي عاني عقودا من الإهمال، ان حجم الاهتمام الذي شهدته شخصيا فاق توقعاتي وزاد من أملي برؤية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كأحد المحركات الرئيسة المساهمة في النشاط الاقتصادي (عملا لا قولا) خلال السنوات القادمة، وجذب المزيد من الشباب المبتكر والراغب بترجمة طموحه التجاري الي عمل على ارض الواقع، وإعطاء خيارات اكثر فاعلية للشباب من مجرد الحلم بالحصول على وظيفة "حكومية" الي خيارات أوسع واكثر تبدأ بممارسة نشاط تجارى بسيط ومدعوم الي الحصول على وظائف من قبل رجال اعمال استفادوا من التحسينات في بيئة الاعمال واستطاعوا تأسيس أعمالهم وبالتالي توظيف شباب قد لا يناسبهم ممارسة الاعمال بل العمل كموظف وبهذا نخلق مجتمع اكثر حيوية واعلى كفاءة من التركيز على الوظائف الحكومية وكما تطمح له رؤية المملكة 2030.