السيارات والاقتصاد وبرنامج التحول

18/09/2017 1
سعيد بن زقر

مثلما سهل الإنترنت الوصول للمعلومات سهل للعميل شراء ما يرغب فيه من الأسواق العالمية، وحتمًا يسَّر على الجميع المقارنات والأسعار والخيارات المتاحة. فمن يرغب في شراء سيارة سيحصل عليها دون التقيد بالضرورة بوكيلها المحلي.

للأسف بداخل الاقتصاد الوطني هناك من لا يدرك حجم هذا التحول أو سهولة وصول العميل لأي معلومات. لهذا ظل بعض وكلاء السيارات يبيعونها بهوامش ربح تبدو مبالغ فيها مقارنة بالأسواق الإقليمية والعالمية. صحيح لا يتم الإعلان عن هذه الأرباح ولكن المقارنة تفضح الفروق بين أسعار السيارات بالمملكة وأسعار ذات الماركة بالأسواق الأخرى. إن إخفاء المعلومات عن العميل صار ضربًا من المستحيلات ففي عصر الشفافية يعلم العميل وجود اتفاقات داخلية بين المصنع ووكيله المحلي. ومها يكن فإن السعر بالمملكة، عمليًا يزيد بأكثر من 50% عن الأسواق الأخرى حتى لو كان المبرر البطاقة الجمركية أو السعر المعلن من طرف الوكيل الحصري.

وإذا كان لهذه الوقائع نصيب من صحة فإن للأمر صلة بالاحتكار . يؤكد صدق هذا الاستنتاج أن أكثر من مسؤول سعودي حاول فك احتكار الوكالات الحصرية. وثمة محاولات شجعت المُصنِّع باختيار أكثر من موزع وهو ما يجري في البلدان الأخرى ولكن تبدو الأحوال محكومة باتفاقات موغلة في القدم ووزارة التجارة ليس من ممارساتها المعروفة التدخل في العلاقات الثنائية أو الاتفاقات التجارية طالما كانت شرعية، ولكن تظل الوزارة مسؤولة من الأنظمة التي تحكم العلاقة بين الوكيل وعميله المحلي وبالتالي لن تحمي أي مخالف للأنظمة سواءٌ كان وكيلًا محليًا يمارس الاحتكار مع العملاء أو مصنعًا خارجيًا. يضاف: إنه في ظل برنامج التحول الاقتصادي هناك تحول في ذوق المستهلك وفي وعيه مما يستلزم مواكبة مفاهيم التنافسية. ولقد فطن لذلك موزعو ومنتجو وبائعو السلع الاستهلاكية الذين يتنافسون في الإعلانات عن التنزيلات بالمحلات التجارية في تفعيل لممارسات التنافسية بينما في قطاع السيارات قلما نجد ملْمحًا يصب في جيب العميل اللهم إلا تخفيضات خجولة في موديلات قديمة أو الاستبدال. هذا الجمود لا يناقض التوجهات والسياسات العامة التي تحُث الوكلاء والمصنعين للتنازل لصالح المستهلك.

يقترح كاتب السطور سن سياسات خاصة بهذا القطاع، لأن المملكه تحتاج لنقل المعرفة والتصنيع بهذا القطاع، كما يجب رفع نسبة السعودة إلى 60% -80% كتعويض للمستهلكين مقابل الأرباح العالية من عقد الاحتكار، كما ينبغي رفع الضريبة على المُصنِّع الذي يصر على وكيل حصري. والهدف الذي أسعى له ليس هجاء الوكلاء الحصريين أو نزع الوكالات، ولكن تشجيع التنافسية، لأنها تدعم المبادر العصامي مثلما أنها تدفع لمواكبة المتغيرات وهي جوانب تساعد الجميع للمساهمة في عمل يصب في برنامج التحول الاقتصادي. إن سطوري مجرد مدخل لمحاربة الاحتكار ستمتد لنقد أي قطاع آخر يمارس الاحتكار بما في ذلك قطاع المطاعم التي تحصر وكالة علاماتها التجارية لدى وكيل واحد. فهذا توجه يستنزف جيب المستهلك ويبتلع كل مبادرات العصاميين المبادرين بسبب المقدرات الذاتية للعلامات التجارية مما يخل بتكافؤ فرص المنافسة ليجعلها بين الفيل والنملة.

 

نقلا عن المدينة