لا تشترِ أسهماً رخيصة لمجرد أنها «رخيصة»

10/09/2017 3
د.فهد المضف

يبحث بعض المستثمرون عن أسهم يتم تداولها حالياً بمضاعفات سعرية منخفضة مقارنة بالشركات المنافسة والسوق فهي تبدوا جذابة عند الوهلة الأولى، ولكن يجب الحذر من الوقوع في ما يعرف بمصيدة القيمة (Value trap) وهي أن يظن المستثمر بأن السهم يتداول حالياً بسعر رخيص ومغري للشراء مقارنة بقيمته الدفترية وربحيته لكن عند مراجعة وضع الشركة يتبين للمحلل المالي أنها تتداول بمضاعفات ربحية منخفضة أو مكررات سعر لقيمة دفترية منخفضة بسبب منطقي حيث أنها لا تستحق سعر أكثر من ذلك لأسباب وجيهة. 

فما هي بعض هذه الأسباب المنطقية التي تبرر التداول بمكررات منخفضة؟ قد تكون أرباحها المستقبلية المتوقعة ضعيفة ولن تتحسن،قد تكون من ضمن قطاع يعاني من صعوبات وتحديات ومن غير تحسن متوقع،قد تكون معرضة لتنافس من سلع أو خدمات من شركات أخرى ستؤثر سلباً على أرباح الشركة المستقبلية تحت التحليل،قد تكون الشركة مثقلة بنسبة ديون عالية مما يصعب قدرتها على الاستمرار بالوفاء بالتزاماتها عند حدوث تباطؤ بالسوق أو هزات في الطلب في ما تقدمه من سلع وخدمات وبالتالي يؤثر سلبياً على ربحيتها، قد تكون هناك أمور سلبية محيطة بكبار ملاك الشركة مما يؤثر سلباً على سمعتها من ناحية حوكمة الشركات ويجعل المستثمرين لا يرغبون ولا يثقون بالملاك والادارة ولا يأتمنونهم على ادارة أموالهم. هذه مجرد أمثلة لتوضيح بأن هناك أسباب سلبية منطقية تجعل المستثمرين يبتعدون عن هذه الأسهم وبالتالي تتداول بمضاعفات منخفضة لتعكس وجهات نظر المستثمرين بعدم الرضى عن الأداء وعدم التفاؤل بمستقبل تلك الشركات. 

لا يمنع أن يبحث المستثمر عن أسهم تتداول بمكررات منخفضة لكن عليه أن يتأكد بأن هناك محفزات ايجابية (Catalyst) ستحسن من وضع هذه الشركات وتغير من أرباحها المستقبلية ونموها وتعزز من تنافسيتها واستمرارها، مثلاً: ستقوم الشركة بطرح منتج جديد ناجح أو ستتوسع توسعاً ايجابياً يساهم في نموها عن طريق فتح أفرع جديدة أو دخول بأسواق عالمية ونمو مبيعاتها، فاذا لم تتوفر المحفزات الايجابية فلا تتوقع تحسن المكررات السعرية مستقبلاً وقد تكون معرض للوقوع بمصيدة وفخ القيمة والاحتفاظ بسهم يتداول على مكررات منخفضة لفترة طويلة من الزمن. الأسهم التي تحمل مخاطر عالية مع تحقيق عوائد ضعيفة تستحق أن تتداول بسعر أقل من قيمتها الدفترية.

 

 

ولتوضيح فكرة فخ القيمة (Value Trap) سأقوم بطرح بعض الأمثلة من السوق الكويتي وهي ليست دعوة لبيع أو شراء أي من تلك الشركات لكنها لغرض التوضيح  فقط، لننظر الى شركة دانة الصفاة أو آن ديجتل سيرفس (هيتس تيليكوم سابقاً). عند النظر لهذه الشركات نجدها تتداول بمضاعف قيمة دفترية منخفض كما هو موضح بالجدول لكنها أيضا جميعها تعاني من خسائر ولم تحقق أرباح مؤخراً مما يجعل المستثمر غير راغب بدفع سعر مساوي لقيمتها الدفترية وانخفاض السعر في هذه الحالة يبرره عدم قدرة الشركة على تحقيق عوائد مجزية على أصولها لتعويض المستثمرين عن المخاطر وعدم تفاؤل المستثمر بالتعافي القريب والتحسن الذي يدفعه لتداولها بأسعار أعلى. 

فالأصول ذات الجودة القادرة على تحقيق تدفقات نقدية هي الأصول التي تزيد من رغبة المستثمر في امتلاكها وتقييمها أما الأصول الغير قادرة على تحقيق عوائد مجزية لن تكون مغرية للمستثمر ولذلك سيتم تداولها على خصم وسعر أقل مما هو مسجل بالمركز المالي للشركة المدرجة (دفاتر الشركة).

وقد يكون سبب التداول بمضاعف منخفض حالياً يعود الى قرار الشركة بالانسحاب الاختياري من السوق، في هذه الحالة وبسبب قلة السيولة خارج السوق وصعوبة البيع والتخارج بسرعة عند الحاجة لا يرغب بعض المستثمرين بالاحتفاظ بالسهم ويفضلون التخارج قبل الانسحاب، مثال على ذلك شركة المواساة للرعاية الصحية: نجدها شركة ذات أداء مالي متميز وتوزيعات نقدية جيدة وبقطاع يتميز بربحية جيدة لكنها تتداول على مكرر ربحية عند 7 مرات وأحد أسباب انخفاض المكرر هو قرار انسحابها الاختياري من البورصة في بداية شهر اكتبور القادم. 

لا يستعجل المستثمر ويتخذ قرار بناء على المكررات والمضاعفات المنخفضة فقط فالأمر بحاجة لمزيد من التحليل والتدقيق لفهم أوضاع الشركة المالية والتنافسية قبل الاقدام على الاستثمار فيها والتفاؤل بتحسن وضعها في المستقبل الذي من المفترض أن يكون مقترناّ بمحفزات ايجابية تعيد ثقة المستثمرين بهذه الأسهم وترغبهم بالاستثمار فيها.

 

نقلا عن القبس