تعتمد إيرادات الميزانية العامة للدولة لدينا اعتمادا كليا على إيرادات البترول فعندما تنخفض إيرادات البترول يحدث عجز في الميزانية وتضطر وزارة المالية للاستدانة والسحب من الاحتياطي وخفض أو تأجيل اعتمادات بعض المشروعات التنموية، وعندما ترتفع إيرادات البترول يحدث فائض كبير في الميزانية وينمو احتياطي الحكومة ويزداد اعتماد المشروعات التنموية وينتعش الاقتصاد الوطني.
لقد بلغت نسبة إيرادات الميزانية من البترول 92.3 % عام 2011 وبلغت نسبة متوسط إيرادات الميزانية من البترول 90.56 % للأعوام الخمسة (من عام 2010 إلى عام 2014). لكن انخفضت فجأة نسبة إيرادات الميزانية من البترول إلى 72.5 % ثم إلى 64 % في العامين 2015 و2016 على التوالي.
كذلك يُلاحظ أن إيرادات تصدير البترول للخارج لا تذهب بكاملها إلى إيرادات الميزانية بل يُقتطع منها سنويا حوالي 20 % للمصروفات خارج الميزانية. فلقد بلغت نسبة متوسط المعتمد في إيرادات الميزانية خلال السنوات العشرة (من عام 2007 إلى عام 2016) حوالي 79.5 % من إجمالي قيمة صادرات البترول. أما النسبة الباقية وقدرها 20.5 % من إيرادات صادرات البترول لم تدخل إيرادات الميزانية (أرقام الميزانية مأخوذة من ساما، وأرقام صادرات البترول مأخوذة من EIA).
رغم أن معالي وزير المالية أكّد في عدة تصريحات منها تصريحه عقب خفض نسبة الضريبة على أرامكو في شهر مارس (قبل خمسة شهور) بأن طرح أرامكو وخفض الضريبة لن يؤديا إلى خفض إيرادات الميزانية؛ لأنه سيتم تعويض انخفاض الإيردات من مصادر أخرى. لكن الواقع يقول إنه لا يمكن القول بأن تخصيص جزء من أرامكو لن يؤدي إلى خفض إيرادات الميزانية لسببين هما:
أولا: أنه ليس من المؤكد (لا يوجد ضمان) أن استثمار قيمة بيع جزء من أرامكو سيدر عوائد تساوي العوائد الصافية التي تدرها إيرادات البترول. فمن الواضح وضوح الشمس أن عوائد البترول عالية يصعُب تعويضها بالعوائد من الاستثمارات البديلة، ناهيك عن احتمال (وهو احتمال وارد) قد لا يكون للاستثمارات البديلة عوائد وربما تتعرض لفقدان جزء من -أو حتى كامل- رأس المال.
ثانيا: وهذه النقطة مهمة جدا لأن تأثيرها على خفض إيرادات الميزانية من إيرادات البترول كبير جدا قد يؤدي إلى عجوزات كبيرة في ميزانيات الحكومة ويبدو أن معاليه لم يأخذها في الحسبان، وهو أن تخصيص أرامكو سيجعل الملاك الجدد (المساهمين) يطالبون بتعويضهم عن كامل الإعانات التي تقدمها الدولة للاستهلاك المحلي، وهذا يعني بالتالي أن انخفاض إيرادات الميزانية لا يقتصر على النسبة المباعة بل أيضا سيطال إيرادات الحصة المملوكة للحكومة.
نقلا عن الرياض
شكراً دكتور على المقالة الجميلة .. المشكلة الكبيرة أن صاحب القرار أو من يستشيره لا يرى الصورة الكبيرة للموضوع أرامكوا !! خاصة أنه في حالة المضي قدما وطرح ارامكوا لن يكون هناك طريق عودة فهو قرار مصيري لمستقبل هذا الوطن وشعبه !! والمشكلة الاخرى بعض من كتابنا هداهم الله أو من المستشارين لا يحاولون إيجاد بدائل حقيقية تستطيع ان تنهض بإقتصاد هذا الوطن .. سنوات مضت قام الدكتور غازي رحمه الله بتبني فكرة سابك وأخواتها ومنذ ذلك الحين لم نرى أية أفكار صناعية جديدة بل توقفت وتوقف الزمن معها !! ولا نرى الان الا فكرة الصندوق الاستثماري والتي كلا يراها انها الحل لكل مشاكلنا وهذا غير صحيح حتى لم يحاول أحد أن يفكر خارج الصندوق أو ع الاقل يرى تجارب الغير وصناديقهم !! ولكن الامل بالله كبير أن يكون هناك تروي في موضوع الطرح .. وشكراً مرة أخرى. والسلام