مصداقية أرقام الاحتياطي النفطي تستند على المعايير – فنزويلا أنموذجًا (2 – 2)

11/07/2017 0
م. ماجد عايد السويلم

تمتلك الدول الأعضاء في أوبك 73٪ من الاحتياطي النفطي العالمي والذي يقدر بـ 1.2 تريليون برميل بحسب تقرير شركة بي بي الأخير. على عكس الشركات النفطية لم تقم الدول الأعضاء في أوبك بتقليص احتياطياتها مؤخرًا بل إن أرقام الاحتياطي لجميع أعضائها ظل متماسكًا.

المأخذ الرئيسي على هذه المنظمة العريقة في رأيي هو عدم وجود معيار موحد لحساب الاحتياطي لكل دولة بل الأمر متروك لكل دولة لاحتساب ما تشاء كما أنها لا تلزم أعضاءها بتوضيح المعايير التي يستندون عليها في تقييم وتصنيف الاحتياطي النفطي. لهذا السبب تجد أن تقرير أوبك السنوي عن الاحتياطي النفطي لأعضائها وتقييمها للاحتياطي النفطي للعديد من الدول حول العالم لا يجد أي تغطية إعلامية دولية أو محلية على عكس التقارير التي تصدرها وكالة الطاقة الدولية وشركة بي بي البريطانية وغيرها.

تاريخيًا، زادت الدول احتياطيها بنسبة 80٪ خلال الثمانينات حيث قفزت أرقام الاحتياطي لدول أوبك من 425 بليون برميل في 1980 إلى 763 بليون برميل في 1990 بحسب تقرير شركة بي بي. يرجع الكثير من الخبراء هذه الزيادة الضخمة ذات الدوافع السياسية إلى تطبيق نظام الحصص (quota system) سنة 1983. بناء على هذا النظام، فإن كمية الإنتاج يتم ربطها بنسبة ما تملك الدولة من احتياطي نفطي مؤكد بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى كسعة المرافق النفطية ومعدلات الاستهلاك المحلية وتعداد السكان وغيرها.

في العقد الماضي، قامت فنزويلا بزيادة احتياطيها النفطي تدريجيا ليصل إلى 300 بليون برميل مؤخرا بعد أن كان يقدر بـ 99.4 بليون برميل في 2007 (بزيادة مقدارها 300٪). في وقت تقوم العديد من الشركات العالمية بشطب الاحتياطي من النفط الثقيل كما أشرت في المقال السابق، ما تزال فنزويلا تتمسك بأرقامها الحالية، وهي منذ انهيار أسعار النفط في 2015 تقف عاجزة عن رفع صادراتها النفطية فوق 1.5 مليون برميل يومياً على الرغم من حاجتها الماسة لزيادة إنتاجها في ظل تدني الأسعار لتعويض النقص الرهيب في ميزانيتها وهي التي تعاني من تظاهرات واضطرابات داخلية منذ أشهر.

انهيار أسعار النفط لم يكن العامل الوحيد الذي تسبب برفع أسعار تكاليف الاستخراج فوق سعر بيع البرميل بل هنالك عوامل أخرى. كان لتأميم حقل أورينيكو الضخم والذي يحتوي على معظم احتياطيات فنزويلا النفطية في عهد الرئيس السابق هيوغو شافيز في 2007 وإلغاء الامتيازات الممنوحة للعديد من الشركات الدولية في هذا الحقل السبب الرئيس في تدهور الصناعة النفطية وثبات معدلات الإنتاج على وضعها الحالي حيث أن هذا الحقل يتطلب تقنيات متطورة لاستخراج النفط الثقيل كتقنية الحقن بالبخار وغيرها والتي تفتقد إليها الشركة الوطنية. لم تسلم الشركات الدولية العاملة في قطاع الخدمات النفطية أيضا من التأميم الجائر حيث قامت الحكومة في 2009 بمصادرة ممتلكات ومعدات 39 شركة مما تسبب في انسحاب العديد منها من فنزويلا.

يشير بعض المحللين إلى أن التضخم الغير معقول في تقييم الاحتياطي النفطي لفنزويلا منذ 2007 مع تدني الإنتاج كان أحد الأسباب التي أدت إلى إلغاء منظمة أوبك العمل بنظام الحصص الانتاجية في 2011. لعل هذا هو السبب الذي دفع بشركة ريستاد النرويجية بتفنيد مزاعم فنزويلا بامتلاكها لـ 300 بليون برميل واعتماد احتياطي ما قبل التضخم في 2007 ليقارب الـ 72 بليون برميل عوضا عن الـ 300 بليون برميل في تقريرها الأخير الصادر بتاريخ 20 يونيو وهو في وجهة نظري أقرب للمنطق.

أساءت فنزيلا لنفسها أولا قبل أن تسيئ لأوبك والعالم بتضخيم احتياطياتها النفطية ولا عجب أن الرأي العام الغربي ما زال ينظر إلى هذه المنظمة العريقة بعين الريبة والشك. لم تتعظ بعض الدول من تجربة فنزويلا فها هو العراق مؤخرًا يضيف 10 بليون برميل إلى احتياطياته على الرغم من التدهور الأمني والسياسي الذي يعانيه العراق مما تسبب في صعوبة الوصول إلى المخزون النفطي في بعض أقالميه.

ترى هل ستقوم المنظمة بتدارك الأمور وإلزام أعضائها بالتقيد بمعايير حسابية نفطية واضحة وصارمة كتلك التي تتبعها اللجنة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات؟ أتمنى ذلك ...

خاص_الفابيتا