المستثمرون السعوديون الجدد

09/07/2017 2
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

عندما يوجد أي تحول في الاقتصاد لأي بلد يرافقه تغيرات جذرية فيما يخص انتعاش قطاعات معينة وفي نفس الوقت سقوط وانتهاء قطاعات ونماذج عمل معينة، فمثلا الاقتصاديات التي كانت تعتمد على الزراعة وتحولت الي الصناعة فاصبح النموذج الزراعي غير مرغوب ولا مربح وكذلك التغيير الذي يحدث بسبب تطورات التقنية، فالتقنية الحديثة تقضي على القديمة، او الطفرة في بعض القطاعات التي تكون حصلت بسبب انفاق حكومي عالي او تنمية كبيرة لبلد معدم التنمية كما حدث في الصين ثم تتوقف بعد اكتمالها، وكما حدث في الولايات المتحدة في طفرة قطاع السكك الحديدية خلال القرن التاسع عشر ثم انتهائها وغيرها من الأمثلة الكثيرة لتغيرات اقتصادية ضخمة وقوية في اقتصاديات البلاد.

نحن هنا في السعودية وفي محاولة جادة لتغير النظام الاقتصادي من الاعتماد بشكل شبه كامل على النفط الي اقتصاد يتمتع بمرونة اكثر ويقل اعتماده على النفط ويقل نسبة مساهمة الحكومة في الناتج المحلى والاقتصاد وترتفع مشاركة القطاع الخاص وهذا اذا تحقق بإذن الله فانه يعني سقوط واختفاء نماذج اعمال كانت مزدهرة وموجودة، ونمو وتطور نماذج جديدة مختلفة وقد يعني تغير لائحة المليونيرة في السعودية بحيث هنالك أسماء كبيرة سوف تختفي وأسماء جديدة سوف تظهر وبقوة، وهذا حدث (وبشكل طبيعي) في كل دول العالم التي شهدت تغيرات اقتصادية لديها، حيث سقطت أو افلست أسماء تجارية كبيرة وصعدت الي سماء النجومية أسماء جديدة لم تكن معروفة، اما لماذا وكيف تسقط أسماء كبيرة لم تكن متوقعه؟ فالإجابة تتلخص بعدة أسباب منها كبر حجم هذه الأسماء او الشركات يسبب لها ترهل وثقل لمواجهة والتكيف مع التغيرات الاقتصادية وخصوصا اذا كانت سريعة، من الأسباب كذلك ان هذه التغيرات عندما تبدأ تكون صغيرة وغير ملحوظة للشركات الكبيرة والتي عادة تتربع على عروش قطاعاتها وتشعر بالأمان وعدم الخطورة حتى تكبر وعندها يكون الأوان قد فات لمواجهتها، من الأسباب عقلية من يملكون ويدرون هذه الشركات لا تتمتع بالانفتاح والقابلية للتغير ولديها غرور ومكابرة ضد أي تهديد قادم.

هنالك أسباب أخرى لكن ليس هنا المجال لذكرها، أيضا التغير في النظام الاقتصادي قد يعني نهاية نموذج العمل لبعض الشركات بالكامل فمثلا وكما سوف يحصل في السعودية مع الخصخصة سوف تقل الي درجة كبيرة نظام المناقصات في الوزارات وخصوصا في وزارة مثل الصحة فالشركات التي تعودت على نموذج المناقصات الحكومي سوف تضطر الي التعامل مع القطاع الخاص وهو ما يشترط كفاءة اكثر وتكلفة اقل اذا لم تملكها هذه المنشأة (والكثير منهم لا يملكها) سوف يغلق نشاطه لعدم جدواه.

مثال اخر، نشاط التشييد والبناء الذي يعتمد على المناقصات الحكومية والتي شهدت في العشر سنوات الماضية طفرة في مناقصات التشييد والبناء الحكومي والان قلت بشكل كبير سوف يتجه لزاما الي البحث عن مصادر أخرى للعمل وقد لا يجد الا العمل مع المطورين العقاريين ووزارة الإسكان، عموما نموذج العمل بنظام المناقصات والمحسوبيات انتهى وكل من اعتمد عليه سوف يواجه واقع التغير، والامثلة كثيرة لنماذج اعمال اخرى في السعودية سوف تواجه التغير القوي. 

ختاما سوف نشهد خلال العشر سنوات القادمة او الي 2030 موجات متسلسلة من التغيرات الاقتصادية تعصف بكثير من نماذج الاعمال لدرجة انهاء بعضها لكن بالمقابل سوف تبرز نماذج جديدة أخرى لم تكن موجودة وقد تكون غير مستوعبة من قبل الجيل القديم من رجال الاعمال والمستثمرين، وكما ذكرت سوف نشهد بروز أسماء تجارية استثمارية جديدة تماما واختفاء أسماء كبيرة وبالطبع هنالك من سوف يتكيف ويستمر من الجيل القديم الذي لا يعنى التغير في الاقتصاد زوالهم انما اختفاء البعض الذي لم يستطع التكيف، والعبرة هنا هو اين مكانك اخي القارئ من هذا التغير سواء كنت رجل اعمال اليوم او تخطط لمستقبلك كرجل اعمال، او موظف ترسم لخطة وظيفية يزيد الطلب عليها في المستقبل؟ يجب ان تدرس الوضع بشكل حكيم وابتعد عن التفاؤل الحالم والتشاؤم المحبط الذي يضيع الفرص، وأعلم ان هنالك الكثير من المحبطين والذين يرون المستقبل بتشاؤم لكن تذكر ان هؤلاء "لم ولن" يحققوا أي ثروات في أي بيئة كانت سواء في الفترات السابقة او اللاحقة.

خاص_الفابيتا