انسحاب ترمب من اتفاق باريس للمناخ 1 - 2

18/06/2017 0
د. أنور أبو العلا

من المُبكّر أن نقول أن قرار ترمب بأن تنسحب أمريكا من اتفاق باريس للمناخ هل سيكون في صالح بترول دول منظمة أوبك أو أنه – وهو الأرجح – محاولة من ترمب لينقل العبء من ظهر الفحم الأمريكي والبترول الصخري الأمريكي الى ظهر بترول دول منظمة أوبك.

الواقع أن ترامب لم يُطالب (كما يعتقد بعض المُغردين لدينا) بالانسحاب من الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC) وهي الأصل التي وافقت عليها أمريكا ضمن جميع دول العالم في قمة الأرض في ريودي جانيرو عام 1992. وانما فقط يُطالب ترامب بتعديل مواد اتفاق باريس (وهو مجرد اتفاق واحد مُنبثق من الاتفاقية الإطارية) كي يُصبح الاتفاق بعد التعديل في صالح أمريكا على حساب الدول الأخرى.

للمعلومية أمريكا كانت من أوائل الدول التي شجّعت وأيّدت وشاركت في صياغة الاتفاقية الإطارية للمناخ عام 1992 (قبل 25 سنة). لكنها كانت الدولة الوحيدة في العالم التي بقيت تُعارض وتمانع ولم توافق على بروتوكول كيوتو. كذلك لم توافق على صدور أي اتفاق آخر مُلزم الى عام 2016 (أي بعد 24 سنة) حيث لأول مرة وافق أوباما على اتفاق باريس وهو أول اتفاق ملزم توافق عليه أمريكا.

كذلك الذي يزيد غموض التكهن بمعرفة الشيء الذي يدور في مُخيّلة ترامب وبماذا سيفاجئ به العالم في خطواته القادمة نحو اتفاقية المناخ، هو الحملة الإعلامية التي تزامنت مع قُبيل إعلان ترامب الانسحاب من اتفاق باريس. فعلى سبيل المثال: لقد تم الترويج لما يسمى دراسة (STUDY) نشرتها نشرة أخبار بلومبيرق بتاريخ 8 / مارس/ 2017 بعنوان كبير يقول ثمانية شركات بترول يصدر منها انبعاث الغازات الملوثة للمناخ بما يعادل كامل الغازات التي تنبعث من أمريكا. وتزعم هذه الدراسة بأن أرامكو السعودية هي الشركة الأولى في قائمة الثمانية شركات. ثم تأتي شركة البترول الوطنية الإيرانية في المرتبة الرابعة.

لكن المفاجأة غير المنطقية أن هذه الدراسة الغريبة تقترح على صناع القرار أن الأجدى التركيز على  مُراقبة ممارسات وأعمال هذه الشركات بدلا من تبني السياسات البيئية الوطنية.

هكذا يتبيّن لنا جليا بوضوح أنه من السذاجة وعدم القدرة على التفكير السليم أن نستبق الحدث ونقول منذ الآن أن انسحاب ترمب من اتفاق باريس هو لصالح بترول دول منظمة أوبك. ومن ثم نُصفّق ونُطبل ونرقص ونغني لقرار ترمب الذي هو مجرد مطالبة بتعديل (أو استبدال) اتفاق باريس الحالي باتفاق جديد يكون أكثر إنصافا – على حد تعبير ترمب – لأمريكا وليس لدول أوبك أيها الإخوة.

نقلا عن الرياض