المقصود هنا بالسوق الآجل هو السوق المعروف بالفيوشرز (futures market) وهو السوق الذي اقترحت صحيفة فايننشال تايمز أن تبيع المملكة فيه البترول لكي تستطيع المملكة -على حد تعبير الصحيفة- أن ترفع سعر البترول لأن خفض إنتاج البترول وحده وفقاً لقول الصحيفة لا يكفي لرفع السعر.
بشكل عام ومختصر وبتصرف بسيط من غير الإخلال بالمضمون يتم الاتفاق بين المتعاملين في هذه السوق على تحديد سعر معين للبرميل منذ الآن على أن يتم تسليم الكمية المتفق عليها للمشتري ودفع الثمن للبائع في تاريخ محدد في المستقبل. وينقسم المتعاملون في هذه السوق إلى فئتين كالتالي:
الفئة الأولى: المتحوطون الذين يحاولون خفض الخطر الذي قد يتعرضون له بسبب تقلبات سعر السلعة (البترول كمثال). فالبائع الذي يتوقع أن سعر البترول سينخفض في المستقبل يلجأ إلى بيع كمية محددة بسعر مُتفق عليه منذ الآن أقل من سعرها الفوري وكأنه يدفع الفرق بين السعرين كقسط تأمين ليحمي نفسه من خسارة أكبر قد تحدث له في حالة انخفاض السعر في المستقبل أقل من السعر الحالي.
الفئة الثانية: المضاربون الذين يتحملون المخاطرة في تقلبات سعر البترول مقابل أنهم قد يربحون من تقلبات السعر في حالة تقلب السعر في صالحهم فيشترون البترول في حالة توقعهم أن السعر سيرتفع ويبيعون البترول (رغم أنهم لا يملكونه) إذا كانوا يتوقعون أن السعر سينخفض.
وفقاً لاقتراح الصحيفة هو أن تقوم المملكة بدور المتحوط (hedger) فتبيع كمية معينة من البترول في السوق الآجل (ويسمى أيضاً سوق الورق لأن المشترين قد لا يحتاجون البترول وإنما فقط للمضاربة في سعره) بسعر أقل من سعر البترول الفوري فتضمن الحد الأدنى للسعر.
لكن سرعان ما يستدرك مؤلف الاقتراح (مُتناقضاً مع نفسه) فيقول إن عملية بيع بترول المملكة في السوق الآجلة سيؤدي إلى انخفاض السعر الآجل إلى أقل من السعر الفوري (backwardation) إلا أن انخفاض السعر المستقبلي سيجعل عملية تخزين البترول أمام تجار البترول غير مربحة فتعود المخزونات إلى وضعها الطبيعي، وفي نفس الوقت ستؤدي عملية تحوط المملكة في السوق الآجل إلى تعقيد عملية التحوط للمنتجين للبترول الصخري فيضطرون إلى الالتزام بقواعد السوق التقليدية ويتجاوبون مع آليات السوق فيخفضون إنتاجهم عند انخفاض سعر البترول ويزيدون إنتاجهم عند ارتفاع سعره. بقي اقتراح فايننشال تايمز مجرد استشهادات وأمثلة غير مترابطة ومتناقضة وكأن الغرض منه عمل دعاية للسوق الآجل لدى الدول المنتجة للبترول.
لكن يبقى السؤال المهم هو: هل ما يكتبه الغرب يؤثر في أفكار كتابنا؟
نقلا عن الرياض