المعادلة الاقتصادية المثالية لنمو الاقتصاد الوطني ترتكز على تحقيق تعادل بين الصادرات النفطية وغير النفطية في المرحلة الأولى، ثم ترجيح الثانية على الأولى في مرحلة لاحقة بما يوفر ضمانات لعدم التأثر بالتقلبات السعرية للنفط في المستقبل، وذلك أمر يتوافق مع استخلاصات التحول الوطني والغايات النهائية لرؤية المملكة، لأننا بحاجة الى مستوى أعلى من التنافسية لا يأتي دون قواعد انتاجية في جميع القطاعات.
توطين تقنيات الانتاج وتعزيز الصناعة الوطنية له دور مهم في تحقيق المعادلة الاقتصادية الطموحة التي ينبغي أن نعمل لأجلها، لأننا في مرحلة تالية نحتاج الى صادر أكبر من الوارد؛ لأن ذلك يعني ببساطة اكتفاء ذاتيا طموحا يفتح مسارات التصدير لكثير من المنتجات، ويلبي معايير التنافسية بما يضعنا في مرتبة متقدمة أفضل مما نوجد بها حاليا.
انطلاق المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفتح الشراكات والتحالفات بين الشركات الكبيرة يؤسس لقواعد عمل أكثر جدوى استثمارية ويجعل السوق أكثر حيوية بحيث يغطي فجوات الواردات التي تتوقع وزارة المالية نمو غير النفطية منها بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% بنهاية العام الجاري، لأنها إذا بقيت في الحدود الدنيا فذلك يعني أننا في وضع تنافسي وانتاجي أفضل يواكب تطلعاتنا التنموية، وتلك مسؤولية القطاعين العام والخاص.
في التحول الوطني مؤشرات مهمة لفكرة توطين المدخلات والمشتريات، وإذا تم إيقاف واردات أبسط احتياجات القرطاسيات، على سبيل المثال، وانتاجها محليا فذلك يخدم تقليص الاستيراد ورفع معدل التصنيع الوطني، وذلك يقودنا مباشرة لفكرة دعم الصادر الوطني للأسواق الإقليمية ابتداء ثم العالمية لتنافس غيرها من المنتجات التي كنا نستوردها، فالاستيراد مع عملية التوطين الانتاجي يجب أن يكون في حالة تناسب عكسي الى أن نصل مرحلة الصفر الوارد لكثير من المنتجات التي يمكن تصنيعها محليا وبذات الجودة وتكلفة أقل.
توطين المشتريات عملية مهمة لإيقاف استيراد كثير من المنتجات غير النفطية، وهو أمر يعزز الصناعة المحلية ويوفر كثيرا من الفرص الاستثمارية والوظيفية والعملية التي نحتاجها، فاقتصادنا من المتانة بما يؤهله لأن يكون منتجا في القطاع غير النفطي، ومن المهم والضروري أن ترتفع الصادرات غير النفطية لدينا لأن ذلك يفيد مبدأ التصنيع والانتاج ويقلل الواردات في هذا المجال ويضعنا في المسار الصناعي الذي نتطلع لأن يكون هو الأساس في النهضة والتطور.
التنافسية تحتاج الى استثمارات أكثر اتساعا في المجالات غير النفطية، وما يمكن استيراده في هذا الإطار قابل لأن يتم تصنيعه محليا، وذلك يوفر مخرجات استثمارية تدعم فرص النمو بمنهجية أكبر وتؤسس لمبدأ الانتاج بصورة أكثر جاذبية، بما توفره من فرص تدريب وتأهيل ورفع سقف الطموح لدى الموارد البشرية الوطنية لمزيد من توطين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ونقل تقنيات الصناعات الكبيرة حتى تتكامل العملية الانتاجية وتصبح أكثر ازدهارا ومواكبة للتطلعات في الحاضر والمستقبل، حتى نصل 2030 وقد بلغنا السقف الذي نسعى اليه.
نقلا عن اليوم