منذ أكثر من 20 سنة والجهات الحكومية تتعاقد كل فترة مع شركات لتطوير أنظمتها التقنية وتصرف الأموال الكبيرة، وبدون نجاحها بالحصول على مايلبي احتياجات العمل لديها، وقد تباينت الأنظمة بين الجهات وفشلت معظمها، وحينها طرحت وعدد من الحضور لإحدى ندوات معهد الإدارة العامة عن البرامج التقنية فكرة قيام وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية -كل فيما يخصه- بتصميم برامج تقنية متكاملة لأعمال شؤون الموظفين والمالية والميزانية على مستوى الدولة، لضمان حصول كل جهة حكومية على نظام متكامل يتوافق مع أنظمة الخدمة المدنية والمالية ويوفر الهدر الكبير في الأموال وتخبط الجهات والشركات في تصميم أنظمة متفاوتة تعتمد على فكر وقدرات العاملين بالجهة، وكانت الإجابة التي تكررت هي إتاحة الفرصة للمنافسة بين الجهات والشركات!
إلا أن المؤسف أن النتيجة التي نراها حاليا هي أن جهاتنا مازالت تبحث عن أنظمة عملية جديدة تستوعب حجم العمل والمتغيرات بالأنظمة! بل إنه مع نجاح بعض الجهات في الحصول على برامج جيده نسبيا لم يتم تبني برامجها لتعميم الاستفادة منها واستثمار الخبرات بها بعد مراجعتها تقنيا ورفع قدرتها بدلا من استمرار الجهات في طرح مشاريع تقنية بمئات الملايين لتصميم برامج وأنظمة جديدة معظمها ورطت جهاتنا في احتكار شركات تقنية للبيئة التقنية ورخص البرامج والمستخدمين وبتحمل نفقات مالية سنوية عالية وبتكلفة مع أي تعديل أو إضافة وبدون أن تكون لديها القدرة عن التراجع.
ومع تزامن انخفاض إيرادات الميزانية وارتفاع المخصصات المالية اللازمة للبيئة التقنية للجهات الحكومية تبعا لما تفرضه شركات التقنية العالمية التي تستخدم جهاتنا أنظمتها وبرامجها، وماتفرضه أيضا عبر الحقوق الفكرية من مبالغ مالية ضخمة على المستخدمين لبرامجها وفقا لعدد الموظفين كاحتكار واضح، فان الأمر يتطلب لرفع كفاءة الإنفاق العام أن يتم العمل على التقليل من مستوى الاحتكار وقيمة الرخص العالية التي تجبر الجهة على دفعها ومن خلال تبني برامج موحدة لجميع احتياجات جهاتنا التي تتوافق بها وأن تدار من جهة مركزية نضمن فاعليتها وعدم الحاجة تكرار التعديل والتصحيح، وخصوصا أن وزارة الخدمة المدنية قد تبنت مؤخرا عبر برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية نظام تقني موحد على بعض الجهات بهدف تعميمه على الجميع، والذي يؤمل منه أن يكون شاملا لكافة احتياجات العمل للجهات ويرتبط بكافة الأنظمة والبرامج ذات العلاقة، وبدون ذلك ستستمر جهاتنا بالعقود وصرف المبالغ وستبرز لدينا مشكلة عدم إمكانية الربط وطلب عقود جديدة وخصوصا إذا اختلفت البيئة التقنية بين الجهات والعمل بتوحيد الأنظمة أحد مرتكزات الترشيد الرأسمالي ذا الأثر الإيجابي للميزانية بالمستقبل.
نقلا عن الرياض