حلاوة الروح تدفع الغريق بأن يتعلق بالقشّة. رغم أن الغريق يعرف أن القشّة قد لا تستطيع أن تنقذه من الغرق إذا كان المرفأ طويل السفر. لكن الأمل يحذو الغريق للتعلق بقشة لعل وعسى القشة تنقله إلى بر الأمان.
هذا هو الحال الآن مع شركات البترول العملاقة (المعروفة بالشقيقات السبع) التي لم يعد الآن في حوزتها شيء من البترول التقليدي. وكل ما تملكه هذه الشركات الآن هو البترول غير التقليدي الذي يُطالبُ أنصار البيئة بعدم إنتاجه وبقائه مدفوناً تحت الأرض لأضراره المدمرة للمناخ والبيئة.
لم يعد يوجد أمام شركات البترول العالمية -بعد أن أصبحت الشركات الوطنية تملك جميع البترول التقليدي النظيف- غير أن تلجأ للحلول المؤقتة كالاندماج مع بعضها، واستحواذ الشركات الأكبر على الشركات الأصغر، واللجوء مؤقتاً الى استغلال البترول غير التقليدي المنخفض التكاليف.
لكن اشتداد تضييق الخناق على شركات البترول الغربية من أنصار البيئة ونجاح أنصار البيئة في تأليب الرأي العام ضدها لا سيما في الدول المتقدمة (أميركا الشمالية وأوروبا) دفع هذه الشركات إلى الاتجاه بحذر تدريجياً إلى مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والسيارات الكهربائية.
السؤال المصيري الذي يهمنا نحن الجواب عليه هو: هل ستنجح هذه الجهود التي تبذلها هذه الشركات العريقة في التوصل إلى مصادر الطاقة البديلة في وقت كافٍ إلى الحد الذي يهدد الطلب على البترول التقليدي السهل الرخيص (بترول الشرق الأوسط) قبل نضوبه؟
الجواب باختصار صدقوني مستحيل أن يستغني العالم عن البترول من نوع بترول الغوار قبل أن ترتفع تكاليف استخراج المتبقي منه بسبب النضوب الطبيعي للبترول السهل فينتقل الإنسان بالتدريج إلى المناطق التي لا تزال تكاليف استخراج بترولها اقتصادية.
لكن ليس هذا هو السؤال الذي يقلقني الجواب عليه فهو شبه محسوم بالنسبة لي. وإنما السؤال الذي يقلقني جوابه هو هل نستطيع نحن خلال المتبقي من عمر بترول الغوار أن نحقق الاستغناء عنه كمصدر للدخل؟
الجواب واضح وضوح شمس الرياض أننا لا نستطيع أن نستغني عن البترول كمصدر دخل إلا في حالة واحدة وهو إيجاد مصادر دخل بديلة حقيقية ومستدامة لها مردود صافٍ يعوضنا تدريجياً عن التآكل التدريجي في دخل البترول الذي لا مفر منه بحكم طبيعة النضوب الطبيعي للبترول.
خاتمة: الدخل الحقيقي المستدام لأي بلد من بلاد العالم لا يتحقق إلا ببناء تنمية حقيقية مستدامة داخل الوطن بأيدي أبناء الوطن، وغير هذا النوع من مصادر الدخل فهي مجرد أمانٍ وآمال لا تسمن ولا تغني من ملبس أو عطش أو جوع.
نقلا عن الرياض