في اللقاء السنوي لمجموعة من خريجي جامعة الملك فهد قبل أيام، الذين زاملتهم في الفترة من 1993 إلى 1998م، تم التطرق لأسباب الخلل في المشاريع الحكومية، من تأخر وضعف في الجودة، فأدليت بدلوي من واقع الخبرة أثناء عملي في العمل الحكومي ثم القطاع الخاص، من وجهة هندسية وقانونية، فطلب مني أحد زملاء الدراسة أن أكتب خلاصة وجهة نظري، والحقيقة أن نظام المنافسات والمشتريات الحكومية يعتبر حديثا نسبيا، فقد صدر بمرسوم ملكي رقمه : ( م/ 58 ) وتاريخ : 4 / 9 / 1427 هـ، وصدرت لائحته التنفيذية بقرار وزير المالية ذي الرقم (362) والتاريخ 20/2/1428هـ، وقد أعدت لجنة خاصة من البنك الدولي تقريرا تقييميا عن النظام وصدر في نوفمبر سنة 2011م، ثم صدر اقتراح تعديلات على النظام وعرض على مجلس الشورى، فصدرت التعديلات من مجلس الشورى 1437هـ، فالنظام يحتاج إلى تعديل مستمر من فريق هندسي وقانوني، مع الإفادة من تجارب الدول الأخرى، والطرق المستخدمة في مشاريع القطاع الخاص، بل يمكن أن يقال بأن النظام يحتاج إلى إعادة صياغة كاملة، ولا يكفيه التعديل.
ومما يلحظ على طرح المنافسات الحكومية أن كل منافسة تصدر من كل جهة حكومية حسب الاحتياج، ولذا تختلف المواصفات حسب قوة الفريق الذي أعد المنافسة، وهذا خلل كبير، لأن بعض الجهات قد لا يتوافر فيها الفريق الفني المتقن لتفاصيل المواصفات الفنية للمنافسة، مما يجعل الجهة الحكومية فريسة سهلة للمقاول الذي يقوم بالعمل على الحد الأدنى من الجودة.
إن وضع هيئة خاصة بالمنافسات والمشتريات الحكومية، قد آن أوانه، بحيث تملك التأهيل الفني والمالي من أبناء الوطن، وتطرح جميع المنافسات من خلالها عبر بوابة إلكترونية، وتعتمد المواصفات الفنية وشروط المنافسة من خلالها باعتماد المعايير الدولية، والرقابة السابقة واللاحقة على المنافسات وعلى تنفيذ المشاريع، ونقل ما يتعلق بالمنافسات من طرح وصرف مستحقات ورقابة من الجهات التي تتبعها المنافسة ووزارة المالية وديوان المراقبة العامة إلى الهيئة المقترحة، والإيجابيات التي يحصل عليها الوطن من هذه الهيئة كثيرة أهمها:
1.عند توحيد الجهة المسؤولة عن المنافسات والمشتريات الحكومية، سنقضي على البيروقراطية المرهقة للمشاريع التي سببها تداخل أعمال وزارة المالية والجهة المسؤولة عن المنافسة وديوان المراقبة، حيث إن توحيد الجهة المسؤولة عن المنافسات والمشتريات أسرع إنجازا للأعمال وأجود في المخرجات.
2.ستكون البوابة الإلكترونية منهية للمعاناة الدائمة من الحصول على إعلانات المنافسات الحكومية عبر الصحيفة الرسمية صحيفة أم القرى حيث إنها غير متوافرة بشكل كاف لدى المكتبات، وتستخدم أساليب بائدة في تسلم الإخطارات عبر البريد مما يؤخر الإعلانات، كما أن البوابة الإلكترونية للمنافسات فيها تطبيق للحكومة الإلكترونية التي تشجعها الدولة في رؤية 2030.
3.يمكن أن يكون الدخول للبوابة برسوم سنوية، وهذا يزيد من المنشآت المتنافسة مما يزيد التنافس على الأسعار المناسبة والجودة الفائقة.
4.يمكن التحقق من التاريخ الفني والائتماني للمقاولين والموردين عبر وضع قاعدة بيانات لكل المتعهدين والمقاولين من خلال البوابة المقترحة، يمكن من خلالها معرفة السجل الائتماني والفني وعدد التعثرات وكميتها وجودة التنفيذ والقضايا التي سبق أن كان طرفاً فيها.
5.يكثر الشكوى من المقاولين والمتعهدين من صعوبة حضور فتح المظاريف، كما أن حضورهم للجهات الحكومية في هدر مالي للمقاولين وإشغال الجهات الحكومية بإجراءات دخولهم، مع عدم المبرر لذلك، ولذا فإن البوابة الإلكترونية ستقضي على كل ذلك عبر البث المرئي لفتح العروض أثناء تقييمها عبر البوابة الإلكترونية المقترحة وفي ذلك منتهى الشفافية الذي نطمح إليه وفقا لرؤية 2030.
6.يمكن تستخدم البوابة لتأهيل المقاولين والمتعهدين بيسر وسهولة، بأن تقدم الوثائق المطلوبة عبر البوابة الإلكترونية، ثم ترسل رسالة بريدية على العنوان المسجل بتسلم الطلب، ثم حالته عند قبول أوراقه أو ردها مع السبب، وذلك تطبيقا للحكومة الإلكترونية.
7.تتجه المعايير الحديثة إلى إتاحة أكبر فرصة للمتقدمين، بحيث إنه لا حاجة إلى شراء كراسات الشروط، فهي تحصيل لأموال المقاولين بلا مبرر، وقد تكون عائقاً أمام المتقدمين، ومن المصلحة العامة تكثير العروض للنظر في أجودها من حيث المواصفات والسعر والخدمات. وبهذه الطريقة يتم القضاء على عذر انتهاء نسخ كراسات الشروط، أو الاعتذار بوجود تعديلات على الكراسة، ولا تتاح إلا قبل انتهاء استقبال الشروط بيوم أو يومين، مما هو ملحوظ لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
إن مشاريع الوطن لا تتوقف، ومعاناة المواطن لا تكاد تسكن، وهذا يتطلب البحث عن وسائل جديدة لطرح المنافسات والرقابة عليها، وفي ظني أن الهيئة المقترحة، والبوابة المنشودة تحقق الكثير من الأهداف التي هي في الصالح العام.
خاص_الفابيتا
اقتراحات ممتازه ماعدا رقم 3 فلا ارى داعيا للرسوم