هل آن أوان رفع الفوائد عالمياً ؟

16/03/2017 0
عامر ذياب التميمي

ترى الإدارة الأميركية الجديدة أن موعد بدء رفع أسعار الفوائد أزف فعلاً، بعد تحسن أوضاع سوق العمل وانخفاض معدلات البطالة إلى 4.8 في المئة من إجمالي قوة العمل الأميركية. ولا شك في أن الإدارة الديموقراطية السابقة تركت أوضاعاً اقتصادية جيدة لإدارة الرئيس دونالد ترامب، إذ تحسنت قدرة مؤسسات الأعمال على التشغيل، كما أن هناك تحسناً ملحوظاً في ثقة المستهلكين بما رفع الطلب على السلع والخدمات ورفع مستوى التضخم إلى اثنين في المئة، كما كان يأمل المسؤولون في مجلس الاحتياط الفيديرالي.

يضاف إلى ذلك أن العجز في الموازنة الفيديرالية أخذ بالتراجع منذ 2009 عندما تسلم الرئيس باراك أوباما الرئاسة، وهو راوح نهاية 2016 حول 587 بليون دولار، وإن كان مرتفعاً عن مستوى عام 2015 حين بلغ 438 بليون دولار. ويمكن الزعم بأن الحكومة الفيديرالية قد لا تكون مضطرة لاستدانة البلايين من الدولارات من النظام المصرفي لتغطية العجز، إذا أحسنت ترشيد الإنفاق. لكن هناك مؤشرات لزيادة النفقات، بعدما أشار ترامب إلى نيته زيادة الإنفاق العسكري وتخصيص أموال كبيرة لتحديث البنية التحتية.

مهما يكن من أمر، فإن مسألة حفز الاقتصاد ليست ملحة كما كانت في بداية عهد أوباما، وأصبح هاجس مواجهة التضخم أكثر أهمية. وعبرت رئيسة مجلس الاحتياط الفيديرالي جانيت يلين عن إمكانات رفع سعر الحسم تدريجياً خلال هذا العام. وقرر المجلس رفع سعر الحسم إلى 1.25 في المئة في اجتماع اللجنة المختصة نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي. التساؤل الآن إلى أي مستوى سيُرفع هذا السعر خلال العام الجاري؟ ربما سيتفاعل مجلس الاحتياط الفيديرالي مع الوقائع الاقتصادية وتطورات السياسات المالية التي ستتبناها الإدارة السياسية الجديدة. لذلك ليس من الحصافة التوقع بأن مجلس الاحتياط الفيديرالي سيعمل لرفع سعر الحسم في شكل منتظم خلال الاجتماعات المقبلة.

هناك ضغوط سياسية واقتصادية من أجل التخلي عن السياسات النقدية المتساهلة والهادفة إلى حفز النشاط لدى مؤسسات الأعمال. يضاف إلى ذلك أن الزخم في أسواق الأوراق المالية وارتفاع مستوى مؤشر "داو جونز الصناعي" للأسهم إلى ما يقارب 21 ألف نقطة، يعزز توجهات ضبط إيقاع السياسات النقدية وإمكانات رفع سعر الحسم. وهناك تكاليف اقتصادية متوقعة، فهذا الرفع سيعني ارتفاع أسعار الفوائد على القروض الخاصة والحكومية، وربما سيزيد تكاليف التمويل للعديد من المؤسسات، وكذلك مخصصات الموازنة المتعلقة بتأدية خدمة الديون الحكومية.

يجب عدم إغفال أهمية تأثيرات الأوضاع الاقتصادية العالمية على القرارات الخاصة بالسياسات النقدية في الولايات المتحدة، فهناك مصالح حيوية تربط الاقتصاد الأميركي باقتصادات رئيسة أخرى في أوروبا أو آسيا. وهناك مصالح الشركات النفطية التي اقترضت أموالاً طائلة لتعزيز إنتاج النفط داخل الولايات المتحدة، خصوصاً النفط والغاز الصخريين. هذه تحديات لا يمكن إهمالها من قبل المسؤولين في الإدارة الاقتصادية الأميركية.

ولا تزال اقتصادات بلدان الاتحاد الأوروبي بعيدة من التعافي الشامل، وإن كانت هناك مؤشرات تحسن محدودة. كما أن خروج بريطانيا المتوقع من الاتحاد وتأثيرات ذلك في الاقتصاد البريطاني تهم الإدارة الأميركية، حتى لو زعمت غير ذلك، نظراً لأن بلدان الاتحاد شريكة تجارية أساسية للولايات المتحدة، وهناك مستثمرون أساسيون في الولايات المتحدة ينتمون إلى هذه البلدان.

قد تحاول إدارة ترامب عزل الولايات المتحدة عن مسار العولمة الاقتصادية، إلا أن ذلك سيكون من المهمات الشاقة في عصرنا الراهن. وهكذا فإن سعر الحسم خلال الأشهر المقبلة سيظل مرهوناً بعوامل عديدة، محلية وخارجية، وقد يراوح خلال هذا العام بين مستواه الحالي 1.25 في المئة، وما يقل قليلاً عن 2.0 في المئة.

نقلا عن الحياة