في الوقت الذي يستهدف فيه العديد من اقتصاديات العالم معدل تضخم سنويا بين 2-3% من أجل الحفاظ على النمو والاستقرار الاقتصادي، دخل مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) في المملكة لأول مرة منذ عشر سنوات النطاق السالب نتيجة تراجع المؤشر لمستوى 0.4-% في يناير الماضي، هذا الرقم يعد مؤشرا أساسيا على انكماش الاقتصاد، وتراجع أسعار السلع والخدمات نتيجة تراجع الطلب، جرس إنذار ركود اقتصادي محتمل.
لأن التضخم السلبي في أبسط صوره يعني تباطؤ الاقتصاد ودخوله مرحلة الركود (باختلاف درجاته)، ورغم أن الركود مرحلة طبيعية من مراحل الدورة الاقتصادية إلا أن وطأته سيئة، ولا سيما لو طال أمده، وقد يتحول إلى كساد اقتصادي تصحبه تحديات كبيرة.
فهو عادة لا يحدث إلا إذا دخل الاقتصاد في مرحلة تدهور وانكماش وأدى إلى كساد في أسعار الأصول، ويعني ذلك بشكل أدق تراجع دخل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نتيجة لانخفاض الإنفاق الحكومي من ناحية، مثل اقتصاد السعودية حيث يعد هذا الإنفاق محفزا رئيسا للنمو الاقتصادي، وانخفاض الطلب من الطبقة المتوسطة من ناحية أخرى، والتي يعد إنفاقها هو الآخر عنصرا مؤثرا في نمو قطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وكل منهما مرتبط بالسيولة النقدية لدى الحكومة أو المواطنين، لأنه متى ما كانت هناك سيولة كان هناك طلب على السلع والخدمات ونمو في الاقتصاد.
والدخول في مرحلة ركود في قطاع الأعمال قد يقود مستقبلا إلى مرحلة أصعب إن لم تتدخل الحكومة في الوقت المناسب لتحفيز الاقتصاد، وأي اقتصاد في العالم يقوم أساسا على عنصرين رئيسين؛ نمو الطلب وارتفاع الإنفاق الحكومي، لذلك تتدخل بعض الحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر لتحفيز هذين العنصرين لإخراج الاقتصاد من مرحلة الركود والانكماش، وإعادة الحيوية إليه من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية أو السياسة المالية أو كليهما بهدف تحفيز الاقتصاد، ولزيادة الطلب على السلع والخدمات، ولنا في تجارب دول متقدمة كاليابان والصين وأمريكا وألمانيا خير مثال.
وفقا لهذا السيناريو، يمكن اعتبار دخول معدل التضخم في النطاق السالب مرحلة موقتة، لأن ما سيجلبه من تحديات لا يتوافق مع توجهات الحكومة السعودية ورؤيتها الاقتصادية لعام 2030، ولا سيما أن استمراره في النطاق السالب يعني صعوبة خلق الفرص الوظيفية في قطاع الأعمال، مما يمهد لارتفاع معدلات البطالة بما يتناقض مع رؤية 2030 التي تهدف لجعل قطاع الأعمال الموظف الأول للمواطنين، كما أنه يعني تراجع الاستثمار، والإنتاج، والاستهلاك وجميعها غير محبذة.
تجاوز تحديات التضخم السالب على المديين القصير والمتوسط يتطلب استخدام أدوات السياسة النقدية أو السياسة المالية أو كليهما، وفي مثل اقتصاد السعودية قد تكون السياسية المالية أكثر ملاءمة مقارنة بالسياسة النقدية وأدواتها، فالأداة الوحيدة من أدوات السياسة النقدية التي يمكن أن نستخدمها هي تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي ليتيح سيولة فورية لدى البنوك، مما يمكنها من الإقراض، وهو خيار لا تفضله مؤسسة النقد في ظل انتهاجها السياسية المتحفظة، خاصة أن استخدام سعر الفائدة السلبي لا يمكن في ظل ارتباط الريال بالدولار.
وبالتالي، فإن السياسة المالية قد تكون الأنسب من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي، ويعد نوعا من التدخل الحكومي المباشر، وما كشف عنه الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه مع جمع من رجال الأعمال، من ضخ مشاريع عملاقة تساعد على تحفيز الاقتصاد وزيادة عجلة النمو قبل نهاية العام الحالي يصب في ذلك الاتجاه، لأن ذلك يعني زيادة الطلب بشكل عام، مما يعيد للاقتصاد حيويته ونشاطه، ومؤشر التضخم إلى مستويات مقبولة.
نقلا عن مكة
مقال في الصميم ... شخص الواقع .. ولا عزاء للمطبلين
ستتضح الصورة للتأثيرات الأولية لرؤية 2020 في بدايات 2018، وحينها سنحكم على توجهات الرؤية وستتخذ الحكومة القرارات الأكثر وضوحاً حينها.
( وفقا لهذا السيناريو، يمكن اعتبار دخول معدل التضخم في النطاق السالب مرحلة موقتة، لأن ما سيجلبه من تحديات لا يتوافق مع توجهات الحكومة السعودية ورؤيتها الاقتصادية لعام 2030، ولا سيما أن استمراره في النطاق السالب يعني صعوبة خلق الفرص الوظيفية في قطاع الأعمال، مما يمهد لارتفاع معدلات البطالة بما يتناقض مع رؤية 2030)
مقال جميل شخص المشكلة و قدم العلاج او مقترحات للخروج من المشكلة وما يترتب عليها وتاثيراتها الاجتماعية و الاقتصادية و المقترحات عملية
التضخم السالب بين السياسة النقدية والمالية