جدوى الشراكة في قطاع التكرير الماليزي!

28/02/2017 1
د. فيصل الفايق

طال انتظارنا لتحقق شراكات إستراتيجية جديدة في قطاع التكرير في أسواق آسيا التي تشهد تناميا مطردا في الطلب واقتصاديات قوية قادمة مضافا إلى ماهو معروف من ميزات مثالية كالموقع الجغرافي المهم، ولكن عندما تحرك ملك العزم ... سلمان الحزم .... وحزم هذه الشراكة، جعلها حيث يجب أن تكون، فكانت مع حليف استراتيجي قوي مثل ماليزيا ...

فماليزيا هي ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وماليزيا تحتل موقعا استراتيجيا وسط طرق هامة لتجارة الطاقة بين المحيطين الهندي و الهادئ، وبالقرب من مضيق ملقا، كواحدة من أهم مراكز تكرير البتروكيماويات الرئيسية في آسيا ومن أهم مراكز تجارة النفط ومشتقاته في المنطقة عامة.

صناعة الطاقة في ماليزيا، قطاع بالغ الأهمية وذلك لما يشكله من مساهمة واضحة في نمو الاقتصاد كله حيث يمثل ما يقرب %20 من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

وصناعة الطاقة، جزء من برنامج التحول الاقتصادي الماليزي 2020 للاستفادة المثلى من موارد الدولة وموقعها الجغرافي، بحيث يتحقق ما تسعى إليه من جعل ماليزيا مركزا من أهم مراكز تخزين النفط ومشتقاته في آسيا، وبالتالي تكون قد أكدت حجزها على مقعد من مقاعد الدرجة الأولى من رحلة  كبار المؤثرين في سوق الطاقة في آسيا.

ونتيجة لارتفاع الطلب الإقليمي والمحلي على النفط الخام والمنتجات النفطية، فإن ماليزيا تخطط لتصبح مركزا لتجارة النفط، كما تسعى لأن تكون مركز تخزين إقليمي من خلال زيادة طاقة التكرير والتخزين في المنطقة.

طاقة ماليزيا التكريرية الحالية تقدر ب 600 ألف برميل يوميا تقريبا و من ست مصافي فقط، بينما قدرة المصفاة الجديدة تقدر ب 300 ألف برميل. وهذه الطاقة لا تكفي لتلبية الارتفاع المتزايد في الطلب المحلي لمشتقات النفط، التي نمت أسرع من الصادرات في السنوات القليلة الماضية، مما زاد من في الحاجة على الاعتماد على مصافي التكرير السنغافورية، لتلبية معظم الطلب على المنتجات النفطية، وسنغافورة، تقوم  بتكرر 1.5 مليون برميل يوميا، وتستفيد ماليزيا مما يزيد عن %45 من المشتقات النفطية وبالأخص البنزين.

ماليزيا استثمرت وبشكل كبير في أنشطة الإنتاج والتكرير خلال العقدين الماضيين، ورغم ذلك فإن إنتاج النفط المحلي في ماليزيا قد انخفض، فلم يترك الاستهلاك المحلي سوى كميات قليلة من النفط تعتبر متاحة للصادرات، وهذا الواقع الذي تسبب في فجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وما نتج عن ذلك من تعقيدات.

هذا بالإضافة إلى أن ماليزيا تصدر نحو نصف إنتاجها من النفط الخام، وذلك بسبب نوعية الخام الخفيف الخالي من الكبريت المرغوب في الأسواق الآسيوية.

في المقابل، ماليزيا تستورد نفط أقل تكلفة، يحتوي على الكبريت من دول الخليج العربي، وهذا بدوره سيشكل فرصة للمملكة لمزيد من الانفتاح على أسواق المنطقة النفطية عبر زيادة الصادرات النفطية إلى ماليزيا والتي تغذيها حاليا، ولكن بكميات متواضعة جدا، ومن ثم الوصول إلى عملاء جدد عبر منافذ تسويقية جديدة.

والمملكة ستستفيد بطبيعة الحال من توجهات ماليزيا في توسيع قدرات تخزين النفط ومشتقاته على أرضها وبما يتناسب مع نمو الطلب المطرد في آسيا، وهذا يعتبر ميزة تنافسية حيث تفتقر جارتها جزيرة سنغافورة الصغيرة إلى أراضي شاسعة للاستمرار في زيادة قدرتها التخزينية الضخمة، والتي تعد أحد أهم مراكز تجارة وتداول النفط ومشتقاته في اسيا والعالم، وهذا أيضا سيساهم في تحقيق هدف ماليزيا في توسيع طاقتها التخزينية من 10 ملايين برميل من النفط الخام والمنتجات النفطية حاليا، إلى 25 مليون برميل في 2020، وقد تصل أيضا إلى 40 مليون برميل مستقبلا.

وكجزء من هدف ماليزيا على المنافسة في تكرير النفط ومراكز التخزين، جاء مشروع شراكة "بتروناس" مع "أرامكو السعودية" لبناء مصفاة لتكرير والبتروكيماويات كمشروع تنمية متكامل في ولاية جوهور على الحدود مع سنغافورة بطاقة تكريرية تقدر ب 300 ألف برميل يوميا، ويتوقع تحول ماليزيا من مستورد محض للمنتجات النفطية إلى مصدر.

ولعل هذا التحليل يثبت وبقوة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، والذي جاء كأول شراكة إستراتيجية في قطاع التكرير والصناعات البتروكيماويات بعد الإعلان عن رؤية 2030 كما يعتبر أحد مصادر تنويع الدخل، ولا ريب أن الدخول في شراكات إستراتيجية واقتصادية متكاملة خطوة اقتصادية ناجحة وسيكون لها ما بعدها من الخير بإذن الله.

خاص_الفابيتا