قطاع الاسمنت السعودي.. والبحث عن غنائم التوزيعات وسط حروب الأسعار

31/01/2017 22
حجاج حسن

جاءت نتائج شركات الاسمنت السعودية خلال الربع الرابع من العام 2016، لتعكس بشكل كبير المعاناة التي يشهدها القطاع، في ظل تباطؤ الطلب، وارتفاع نسبة الإنتاج الى المبيعات، مما أدى إلى تراكم المخزونات، والتي وصلت لأعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية العام 2016.

لذا فإن مشاكل قطاع الاسمنت السعودي و إن تفرعت وتنوعت أشكالها إلا أن مصدرها واحد، ألا وهو ذلك التباطؤ في معدلات الطلب على الاسمنت خلال الفترة الأخيرة، لا سيما مع تباطؤ قطاع الانشاءات والمقاولات بالمملكة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والوقود التي أقرتها الحكومة مؤخراً.. 

وعند الحديث عن قطاع الاسمنت، فهناك ثلاثة أطراف رئيسية تتشارك الموضوع.. اولها الشركات وإداراتها، والتي تحاول المحافظة على حصتها في ظل حرب الأسعار التي بدأت بالفعل، في المقابل فهناك الطرف الأخر، وهو ذلك المستثمر الذي يبحث عن أرباح رأسمالية وتوزيعات نقدية، وطرف ثالث حكومي وهو من يتحمل مسؤولية مراقبة وتنظيم السوق، في الوقت الذي يُريد استعادة ما يُقدمه من دعم استثنائي للقطاع والبالغ 7.7 مليار ريال سنوياً.

1-حرب الاسعار بالمناطق ..

ولأن معظم الشركات بالقطاع لم يكن لديها أي اتجاه لتخفيض مستويات إنتاجها، ظهرت منافسة كبيرة خلال تلك الفترة بين شركات كل منطقة للحفاظ على حصتها السوقية، كان أشدها في المنطقتين الغربية والوسطى، وهو ما ضغط بدوره على الشركات في تقديم خصومات على الأسعار، لينخفض متوسط سعر  بيع الطن خلال الثلاثة أشهر الأخيرة دون الـ 200 ريال أقل من 10 ريال/للكيس، قياساً بالأسعار المحددة من وزارة التجارة عند 240 ريالاً للطن ما يعادل 12 ريال/ للكيس ..

وعليه شهدت الأرباح الإجمالية للقطاع تراجعاً حاداً وغير مسبوق في الربع الرابع والتي بلغت 772 مليون ريال قياساً بـ 1420 مليون ريال في الربع المماثل من عام 2015، كأدنى أرباح فصلية يسجلها القطاع منذ عام 2009، بل وأطلقت اسمنت العربية، من جانبها جرس الإنذار مبكراً بتسجيلها خسائر خلال الربع الأخير من أعمالها بالسعودية.

2-فتح باب التصدير ..

ولأنه كان لابد من وجود نوافذ جديدة لتصريف مخزونات الاسمنت المتراكمة، جاءت الخطوة "الإيجابية" التي اتخذتها الحكومة بإعادة فتح باب التصدير في توقيتها السليم، لكن بعض الشركات ترى أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، نظراً لأن بعضها خارج القصة تماماً لفروقات المسافات نتيجة الموقع الجغرافي.

 والبعض الآخر يرى أن رسوم التصدير التقريبية لمنتج (85-133) ريالاً للطن مبالغُ فيها جداً، وانها ستقضي تماماً على هوامش الربحية، ناهيك عن الأزمات السياسية الحالية التي تعيشها بعض الدول المستهدفة للتصدير كسوريا والعراق واليمن، وإذا أضفنا الرسوم (85 : 133 ) ريالا للطن أو ما يعادل، إلى تكلفة إنتاج الطن لدى الشركات .. فما هو السعر العادل الذي يمكن أن تُصدر به الشركات لكي تحقق هوامش ربحية معقولة ؟!

ويوضح الرسم البياني كيف ستقفز تكلفة الطن الواحد بعد الرسوم لتتراوح ما فوق 200 الى 350 ريالاً، وهو الأمر الذي يصعب معه و بشكل كبير تحقيق هامش ربح مناسب كما كان من قبل، حيث كانت تكلفة الطن في معظم الأحيان تترواح ما بين 80 : 160 ريالا فقط للطن، باستثناء شركة اسمنت "نجران" نتيجة تحملها أعباء تمويلية وكذلك مصاريف نقل وتسويق مرتفعة ..!

3-التوزيعات النقدية  ..

وهنا لن نخوض كثيراً في الأرباح الرأسمالية من أسهم الاسمنت، فالسوق له تقلباته وظروفه الخاصة، إلا أن قطاع الاسمنت كان هدفاً رئيسياً لمستثمري التوزيعات، فهو أحد أكثر القطاعات توزيعاً للأرباح، لذلك يأتي التساؤل الهام لدى مستثمري القطاع.. هل ستعزف شركات الاسمنت عن التوزيعات النقدية خلال الفترة المقبلة ؟! في الغالب نعم وهو ما ستبينه الأرقام التالية :

 وفي الأخير .. ما هو مستقبل القطاع في الفترة المقبلة للأطراف الثلاثة :

بالنسبة لإدارة الشركات، عليها إما تخفيض الإنتاج وعدم الخوض في توسعات جديدة، أو الدخول في معركة الأسعار التي ستشتد أكثر وأكثر مع دخول طاقات جديدة كاسمنت المتحدة وأم القرى أو توسعات جديدة كما في الجنوبية وتبوك واليمامة، إلى أن يستعيد السوق توازنه ..

أما المستثمرين، فعليهم أن يُعيدوا النظر في القيم العادلة لأسهم القطاع وفقاً للعائد على النقدي المستقبلي، خوفاً من السنوات العجاف التي قد يشهدها القطاع خلال السنوات الثلاث المقبلة ..

وأما المنظم، وهنا يتطلب من الحكومة التدخل بتخفيف قيود التصدير بشكل أو بآخر، والتي من شأنها فتح منافذ أخرى لتصريف المخزونات الهائلة التي تجمعت لدى الشركات.. حتى وان كان بشكل محدود في ظل الظروف التي تمر بها الاسواق المستهدفة للتصدير ..

ومن الناحية الاخرى، المستهلك ، وهو إلى الآن الرابح الأكبر مما يشهده القطاع، فطالما طالب الحكومة بمراقبة السوق التي تجاوزت أسعاره 260 ريالاً للطن في ( 2011 : 2014)، ها هو الآن يستطيع الحصول على طن الاسمنت بأقل من 160 ريالاً، بأقل كثيراً من السعر المحددة سابقاً من قبل وزارة التجارة بـ ( 240 ريال) .. فحقاً مصائب قوم عند قوم فوائد .. !

خاص_الفابيتا