الاحتكار الطبيعي لا يكون بسبب ممارسات متعمدة، بل يحدث تلقائيًا نتيجة لديناميكية السوق أو ديناميكية الإنتاج أو طبيعة الإنتاج أو طبيعة السلعة. فعملة الاحتياط الدولية مُحتكر طبيعي بسبب ديناميكية السوق، كالدولار. والصناعات ذات البنية التحتية المرتفعة الثمن التي تشكل غالب الكلفة هي محتكر طبيعي بسبب ديناميكية السوق، كشركات الكهرباء والماء. والإنتاج الذي يتعمد على خبرات نادرة أو كلفة عالية إنتاج احتكاري طبيعي، كصناعة الطاقة الذرية أو الطائرات. والسلعة التي يكون من طبيعتها اعتياد الناس عليها ذوقًا أو خبرةً وتعليمًا تصبح محتكرة بالطبيعة، كنظام ميكروسوفت مثلاً.
والندرة في تخصصات العلوم التي تتعلق بصناعة معينة وبراءات الاختراع تمنع من فتح السوق للمنافسين، كصناعة بعض الأدوية والأسلحة. وكذلك هي الكلفة الضخمة لتأسيس المصنع يمنع من دخول المنافسين كصناعة الطائرات والبوارج البحرية والسفن العملاقة.
الاحتكار الطبيعي خلق من خلق الله وسنة من سننه في تنظيم هذا الكون يجري وفق سنن إله في الحياة. مثله مثل الحياة والموت والليل والنهار والفيزياء والكيمياء.
والاحتكار الطبيعي ليس في الصناعات وأسواق المال والسلع. بل هو أيضًا في الأيدولوجيات والأديان والعملات. فسيطرة أيدلوجية أو مذهب ديني على إقليم أو بلد أو على العالم تمنع من ظهور غيرها. فقوة انتشار مفهوم الديمقراطية وكثرة اتباعها يمنع من ظهور نظام سياسي جديد. وذلك لغياب الدافع للتفكير في نظام جديد، لسيطرة الثقافة الديمقراطية على فكر المجتمعات. فيمنع هذا من وجود البنية التحتية الكافية من التفكير والتنظير اللازم لتأسيس فكر إيدلوجي.
والأيدولوجيات لا تأتي من تفكير شخص واحد ولو نسبت له، كالماركسية. فالماركسية هي خلاصة فكر متراكم عبر التاريخ وعبر المحيط الاجتماعي الذي عاش فيه كارل ماركس. وحتى لو افترضنا خروج شخص بفلسفة جديدة لبديل عن النظام الديمقراطي، فلن يجد القبول والانتشار في ظل احتكارية الديمقراطية للفكر العالمي اليوم. ومثل هذا في الأديان والمذاهب. فقد احتكر مثلاً المذهب الكاثوليكي طبيعيًا الديانة النصرانية وما ظهر المذهب البروتستاني إلا متأخرًا جدًا بعد أكثر من خمسة عشر قرنًا مع الانفتاح التدريجي للحريات الدينية في أوروبا وموافقة المذهب البروتستانتي لأهواء البعض للتخلص من هيمنة الكنسية الإيطالية.
وهناك الاحتكار الطبيعي للثروات. فالاقتصاد عمومًا مثل الحكم والسياسة. فكما أنه لا تستقيم أمور المجتمع والدولة إذا كان كل المجتمع أو غالبه حكامًا أو سياسيين، أو أن تُوزع على أفراد المجتمع مقاليد قرارات السُلطة، فكذلك لا يصلح أن يملك غالب المجتمع غالب الثروة أو أن تُوزع على أفراده ثروات المجتمع. وتوزيع السلطة لا يصلح بسبب طبيعة عوامل السلطة التي تحكمها وجوب وحدة القرار والإنسان بطبيعته الخلاف والسعي للسلطة، وديناميكية السلطة تستلزم عدم المنازعة والمخالفة، فتوزيع السلطة على أفراد كثر يفسد ديناميكيتها. وكذلك هو مبدأ توزيع الثروة في الاقتصاد. فالرؤية الاقتصادية لحتمية امتلاك القلة للثروة تفسيره أنه هو من باب الاحتكار الطبيعي.
نقلا عن الجزيرة
http://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/464594 رابط لتقرير عن الاحتكار وتعليقي القصير عليه (قبل اسبوع) يلخص موضوع مقالة ابو محمد في ما يخص الجانب الاقتصادي والموقع هو مربط فرس الاقتصاد.
لي اعتراض ان الموقع هو مربط الفرس الموقع لا ينهض بـ بلد ما ينهض بـ البلدان المؤسسات التي يقوم الانسان بـ انشائها لا الموقع الجغرافي ولا حتى طبيعة الارض
قصدت بالموقع (ارقام) واخطأت التعبير فقصدي كان ان موقع ارقام اقتصادي بالدرجة الاولى لذا فهذا الجانب هم الاهم في ما ينشر فيه.
الدكتور حمزه في مقالاته الاخير اصبح يتحدث بمقالات عامه ولا يتطرق للشأن الداخلي !؟؟؟
الكلام كله جيد ولي إعتراض على جزء واحد منه ... نعم من سنة الله في الكون أن يكون الاغنياء قلة ... ولكن ما يضر المجتمع ليس أن الاغنياء قلة ولكن أن يكون الفقراء كثرة .... المجتمع الصحي هو الذي يتساوى فيه نسبة وعدد الاغنياء مع نسبة وعدد الفقراء ويكون المعظم في خانة ميسوري الحال ... أما أن يكون الاغنياء قلة والباقي فقراء فهذه ليست سنة الله ولكنها رغبة البعض .... كما أن السنة الكونية هي في قلة الاغنياء وليس في احتكار الغنى لجهة معينة أو أسر معينة .... فلا تقول لي أنه يجب أن تكون فقيرا لإن هذه سنة الله ... ولكن سنة الله أن شخص مثل الراجحي نشأ فقيرا وأصبح من أغنى أغنياء المملكة بتعبه وجهده ولكن ظل عدد الاغنياء قلة لإن آخرين ممن كانوا من الاغنياء سابقا اصبحاو من الميسورين أو الفقراء حاليا ... وهذه هي الحقيقة ... الاغنياء دائما قلة ولكن الغني غير محتكر طبيعيا لجهة ما أو فئة ما أو أصحاب مهنة ما ولو حدث هذا فلا تحاول الترويج له على أنه احتكار طبيعي بناءا على رغبة الخالق وسنته في خلقه ولكنه احتكار مفسد للأرض بناءا على رغبة أصحاب المال على الاستئثار والاستزادة منه ومنع غيرهم من ملاحقتهم