شكلت استدامة وظيفة السعوديين بغض النظر عن حاجة المنشأة معوقا من معوقات التوظيف في القطاع الخاص؛ أو حجة القطاع الخاص بشكل أدق؛ ما حمل وزارة العمل على تغيير النظام وإضافة مواد جديدة تهدف إلى حماية القطاع من "استدامة الموظف" القسرية التي أكسبت الموظفين ميزة حمائية قد تُستغل من بعض المتهاونين في أداء مهامهم الوظيفية؛ وتحرم المنشأة من خطط إعادة الهيكلة في حال الخسائر أو المتغيرات الاقتصادية.
عالجت وزارة العمل المعوق الرئيس بنظام اعتقدت فيه تحقيق العدالة لرب العمل؛ دون أن يتسبب في ظلم الموظف؛ غير أن غالبية شركات القطاع الخاص استغلت تلك المواد للإضرار بالموظفين؛ وممارسة الفصل التعسفي بأدوات النظام الذي يفترض فيه تحقيق العدالة وحماية طرفي العلاقة التعاقدية.
من الخطأ الاعتقاد بإمكانية تحقيق العدالة مع وجود مظلة قانونية قادرة على توفير الحماية لكل من يريد استغلال النظام لمصلحته وإن أضر بالآخرين. ثقافة المسؤولية المجتمعية قد لا تتوفر لدى القطاع الخاص في السعودية ما حمل المشرعين ابتداءً على تحصين الموظفين من ممارساتهم الخاطئة الأكثر ارتباطا بالربحية.
أعتقد أن استغلال الموظفين لقانون "الاستدامة الوظيفية" كان أقل بكثير من استغلال القطاع الخاص لمواد الفصل التعسفي الذي يُطلق عليه تلطفا "المدة التعاقدية"؛ برغم قصر المدة الزمنية التي أقر فيها تعديل نظام العمل الجديد. يشكل الموظف الحلقة الأضعف في العلاقة التعاقدية؛ والأكثر انكشافا على القوانين والأنظمة؛ والأقل قدرة على تحمل الإجراءات القانونية في حال نشوب الخلاف بينه وبين منشأته؛ ما يتسبب في تسريح كثير من السعوديين من وظائفهم.
لم يقتصر التسريح التعسفي على المؤسسات الصغيرة بل تجاوزها للشركات الكبرى والقطاعات الأكثر ربحية وملاءة ومنها القطاع المصرفي على وجه التحديد. من المؤلم أن يكون تسريح بعض الموظفين السعوديين لمصلحة غير السعوديين المحتفظين بوظائفهم ومميزاتهم المالية. أو يطال التسريح الوظائف الأكثر طلبا في سوق العمل ومنهم المهندسون والأطباء والصيادلة.
لا خلاف على أن المتغيرات الاقتصادية تؤثر سلبا في القطاع الخاص؛ وتحمله على مراجعة التكاليف؛ ومنها تكاليف الأجور والرواتب؛ إلا أن مسؤولية الشركات الأخلاقية تفرض عليها التعامل بإنسانية مع القرارات المصيرية التي قد تتسبب في ضياع الأسر لفقدها مصدر رزقها الوحيد بعد الله.
لا أقول بتحول الشركات إلى مؤسسات مجتمعية؛ بقدر ما أبحث عن الحس الإنساني والمسؤول الذي يوائم بين متغيرات الاقتصاد وضرورة حماية الموظفين؛ والحس القانوني الذي يفترض أن يستغل مواده الصريحة لما وضع له لا ما يمكن أن يتحقق من خلاله وإن كان فصلا تعسفيا. هناك فارق كبير بين انخفاض الربحية والتعرض لخسائر مدمرة؛ فالحالة الأولى لا تستدعي التسريح؛ في الوقت الذي قد تستدعي فيه الحالة الثانية تسريح بعض الموظفين لضمان بقاء الشركة وحماية الوظائف الأخرى من الزوال.
فلسفة التعامل مع مواد نظام العمل الجديد تحتاج إلى قرارات عادلة؛ قلوب رحيمه؛ وعقول منفتحة؛ وقبل كل ذلك مخافة الله؛ والإيمان بأنه الرزاق الكريم الذي قد يحول خسائر الشركة إلى أرباح ضخمة بسبب حماية موظف مسكين؛ وقد ينزع عنها البركة ويعرضها لخسائر فادحة بسبب ظلمها أحد الموظفين؛ وإن رُبط ظلمه بأنظمة العمل؛ أو أرجع لمواد عقد التوظيف.
تحول النظام الرأس مالي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نظام اشتراكي عندما تدخلت الحكومة لشراء شركات كبرى أوشكت على الانهيار، ماقد يتسبب بشطب الوظائف وتسريح الموظفين. قد يكون حماية الاقتصاد و الشركات الكبرى من الانهيار سببا منطقيا لتدخل الحكومة إلا أن السبب الأكثر وضوحا ارتبط بحماية الموظفين و الوظائف من الشطب ما قد يتسبب بمشكلات لا حصر لها في المجتمع الأمريكي.
يبدو أن هناك من يسعى لاستغلال المتغيرات الاقتصادية لمصلحته؛ والتأثير السلبي على الحكومة التي تسعى جاهدة لضمان نجاح إعادة الهيكلة الاقتصادية. الضغط من جانب تسريح الموظفين أمر يجب أن يتوقف؛ فجميعنا في سفينة واحدة تستدعي العمل الدؤوب لإنقاذها.
عشر سمان حقق فيها القطاع الخاص ما لم يحققه في ثلاثين عاما؛ ثروات طائلة وأرباح متراكمة؛ ودعم وحماية حكومية غير مسبوقة تستوجب منه التعامل بإنسانية مع الموظف السعودي؛ وبحكمة وعقلانية مع الحكومة التي تواجه متغيرات حادة في الدخل؛ وتسعى جاهدة لتحقيق التوازن وحماية الاقتصاد ومكتسباته.
القطاع الخاص مطالب بتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع؛ وحماية موظفيه من التسريح التعسفي ، ووقف الإجراءات التعسفية التي يقوم عليها من لا يكترث بمآلات الأمور ولو تدمر المجتمع بأكمله. أما وزارة العمل فهي مطالبة بإلغاء بعض مواد النظام الجديد الذي أعطى القطاع الخاص صلاحيات واسعة لصرف الموظفين؛ في الوقت الذي يجب أن يكون للحكومة دور أكبر في مواجهة انعكاسات إعادة الهيكلة وإيجاد برامج حمائية للمواطنين وفي مقدمهم الموظفين.
نقلا عن الجزيرة
الشركات الكبرى تحديدا يجب أن يتم التعامل معها بسياسة العصا وبدون جزرة ايضا لأن هذه الشركات انتفخت ماليا إلى ان انفجرت من تراكم الأرباح ومع اول هزة في السوق اظهرت وجهها القذر وليس القبيح فقط للموظفين السعوديين تحديدا وانا هنا اقصد القطاع البنكي مثل بنك المتقاعدين المدعوم من الدولة وانتشر له هاشتاق خاص امس ومثله عبد اللطيف جميل صاحب اكبر مركز لكزس في العالم لكن يبدو ان وزير العمل الجديد اسوأ من سلفه.
وخاصه في البنك الكبير الفصل و الحقد و الحسد على السعودي فقط .. رحم الله ابو منعب .
مقال متزن وعميق
مقال يشير للمشكلة ... ويستجدي العطف من سبب المشكلة ... لا يقدم أي حلول تمنع اي من الطرفين من استغلال القانون لمصلحته ... الشركة أو الموظف
نحن ليس لدينا نقابة عمال تحمي حقوق العمال وتتفاوض مع ارباب العمل بالنيابه عنهم ... هذا الدور منوط بوزارة العمل ومكاتبها في كل مدينه ... ( التاجر فاجر ) كما يقال في الامثال اذا ترك له الحبل على الغارب سوف يقوم بما تمليه عليه ( مصالحه ) !... لا يهتم بالجانب الاخلاقي ولا الانساني ( الا مارحم الله وقليل ماهم ) ... لذالك يجب على مكاتب العمل ان تقوم بدورها وان توازن بين مصالح التاجر والمواطن الفرد ... التاجر من حقه ان يربح وينمو ويزدهر ولكن نحن بالنهايه مسلمون وتحكمنا قيم ومبادئ الدين الحنيف والرأسماليه المتوحشه يجب ان لا تكون في مجتمعنا ... الظروف الاقتصاديه صعبه ولا شك ويتضرر منها الجميع التاجر بانخفاض ارباحه وربما خسائر والمواطن الفرد بارتفاع الاسعار واثقال كاهله ... مكتب العمل يجب ان يؤكد على رفض فصل اي سعودي في هذه المرحله الا بعد التنسيق معه ... اذا لزم الفصل فاولا يجب ان يتم البدء بالوافد ( مع الاعتذار ) نحن مسؤولين بحل مشكلة البطاله لمواطنينا اولا وليس مشاكل البطاله في الدول الاخرى وما اكثر مواطنيها لدينا ... بعد ذالك من الممكن التفاوض مع صاحب العمل على تخفيض الرواتب كحل وسط بنسبه عشره او عشرين بالمئه اما الذهاب مباشرة للفصل فهذا له سلبياته التي لا تعد ولا تحصى ... ايضا نحن نعلم ان القطاع الخاص يحكمه من اعلى الهرم الى اصغر فراش وافدين ... بعض المدراء الوافدين ورؤساء الاقسام رواتبهم عشرات الالوف والكل يعلم بهذا .. لماذا لا يقوم رب العمل بتخفيض رواتبهم وبعض ميزاتهم ام ان السعودي وحده هو الجدار القصير الذي يسهل القفز عليه دائما ؟!!
كلام منطقى وحلول معقوله والله يكون بالعون.
أخي عامر كلام متميز جداً .. أتفق معك فيما ذكرت أولاً: يجب أن تسحب صلاحيات فصل الموظفين من الشركات وتحويلها للجنة خاصة ومستقلة تابعة لوزاة العمل والشؤون الاجتماعية ، ثانياً: لماذا يقوم المدراء التنفيذيون بالفصل التعسفي للموظفين للتباهي بذلك أمام مجالس الإدارات أنهم خفضوا نفقات الشركة وكأن قطع أرزاق الأسر من عائل وزوجة وأطفال إنجاز يتم التفاخر به ألا يعلم المدير التنفيذي أن الدنيا تدور وكما تدين تدان وغدا مجلس الإدارة يتخلص منك لأي سبب كان. ثالثاً: هناك حلولاً وسطى باتباع قاعدة رابح/رابح من خلال تخفيض الرواتب بمقدار 10-20% فيحتفظ الجميع بوظائفهم لإعالة أسرهم وفي نفس الوقت تكون الشركة قد قلصت التكاليف لمواجهة الظروف الصعبة.
لو كنت رب عمل وشركتك دخلت مرحلة الخسائر فالمنطقي ان تتخلص من القطاعات المخسرة وما فيها من موظفين !!