يمكن النظر إلى (التسوية) التي التزمت بموجبها شركة «موديز» دفع 864 مليون دولار لحسم الاتهامات المتعلقة ببعض تصنيفاتها الائتمانية؛ من منظور الإدانة القانونية المغلفة بالدبلوماسية. لو لم تخالف «موديز» معايير التصنيف والشفافية لما قبلت بدفع غرامة مالية ضخمة في مقابل إغلاق ملف القضية.
وزارة العدل الأمريكية أكدت أن «موديز فشلت في الالتزام بمعايير التصنيف الائتماني الخاصة بها، وفشلت في الوفاء بتعهدها بالشفافية»؛ وهذا ما حدث بالفعل خلال العام 2008 ، حيث تسببت «موديز» من خلال تصنيفاتها المشبوهة في تكبيد المستثمرين والأسواق المالية خسائر فادحة. لم يكن خطأ «موديز» مرتبطا بعدم الالتزام بالمعايير والشفافية؛ بقدر ارتباطه بعمليات تدليس منظمة ساعدت الشركات الأمريكية على تسويق سنداتها وجمع أموال طائلة بالرغم من ضعف جدارتها الائتمانية؛ وانكشافها الصريح؛ إضافة إلى التدليس المرتبط بالمؤسسات المالية وصناديقها الاستثمارية التي تهاوت في اليوم الأول من الأزمة العالمية.
ضللت «موديز» وشركات التصنيف الأخرى المستثمرين؛ وتسببت في كارثة مالية كان من الممكن السيطرة عليها لو التزمت تلك الشركات بمعايير التصنيف الدقيقة؛ والحيادية؛ التي ربما أسهمت في تدخل الجهات الرقابية في وقتها والحد من ضخ المستثمرين أموالا أكثر في أصول هشة وشركات ضعيفة.
كان من المتوقع نفي شركة «موديز» تهمة انتهاك القانون في غياب حكم الإدانة الصريح؛ غير أن مسؤوليتها ستبقى ثابتة وإن حاولت التملص منها بالتسوية المالية التي أحاطت بها الإدانة من كل جانب. لم تكن موديز شذوذ قاعدة التصنيف؛ بل جزء من قاعدتها الراسخة. فوكالة «ستاندرد أند بورز» قبلت مطلع العام الماضي دفع مليار وأربعمائة مليون دولار لتسوية اتهامها بالتضليل المرتبط بسندات رهن عقاري قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، حيث منحت تصنيفات ائتمانية عالية لسندات تتصف بالمخاطر العالية.
برغم أهميتها المطلقة؛ تبقى التصنيفات الائتمانية؛ عرضة للتوجيه السلبي أو الإيجابي المتعمد. ما قامت به شركتا «موديز» و «ستاندرد أند بورز» من تضليل متعمد يشكل قاعدة عمل شركات التصنيف الموجهة؛ التي باتت أكثر عدوانية تجاه بعض الدول المستهدفة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. التشكيك باقتصادات الدول؛ وخفض تصنيفاتها السيادية جزء من الحروب الاقتصادية الموجهة من قبل الغرب؛ والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.
ظهر ذلك في السعودية ودول الخليج؛ وتركيا التي تعاني من هجمات إرهابية؛ وتدهور لعملتها المحلية؛ وتهديد دائم بخفض تصنيفها السيادي ما قد يتسبب في الحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية ورفع تكلفة الديون السيادية؛ وربما صعوبة الحصول عليها مستقبلا.
حذرت «موديز» من تزايد المخاطر المحلية والجيوسياسية، وتصاعد الهجمات الإرهابية في تركيا على الوضع الاقتصادي، ما تسبب في خفض تصنيفها السيادي إلى درجة Ba1؛ ومن المتوقع أن تستمر «موديز» في خفض تصنيفها بالتناغم مع المتغيرات الجيوسياسية والإرهاب الموجه وفق منظومة محكمة يتداخل فيها العمل الاستخباراتي المنظم؛ بأدوات تدمير الاقتصاد المحترفة. ضرب السياحة واستهداف المواقع السياحية الأكثر ارتيادا من قبل السواح الغربيين والخليجيين حد من تدفق السواح على تركيا؛ وتسبب في نقص حاد للعملات الصعبة وانخفاض احتياطيات البنك المركزي ما أثر سلبا على الليرة التركية التي تهاوت بشكل مؤلم وخطير. أعتقد أن وكالات التصنيف الأخرى لن تلبث أن تتدخل في لعبة التصنيفات الموجهة؛ وتبادل الكراسي بينها؛ ومواصلة التأثير السلبي على الاقتصاد التركي المُترنح منذ أحداث الانقلاب الفاشلة.
تشكيك وكالات التصنيف الأمريكية باقتصادات بعض الدول ومنها تركيا والسعودية ودول الخليج؛ يقابله تغطية متعمدة على ديون أوربا السيادية والشركات والمصارف الغربية؛ والديون السيادية الأمريكية التي تشكل الخطر الأكبر على النظام المالي العالمي.
هل تحولت شركات التصنيف الأمريكية إلى أداة ضمن منظومة «القتلة الاقتصاديون» ؟. أعتقد ذلك؛ حيث تعمد تلك الشركات إلى منح درجات عالية (AAA) لمنتجات مالية رديئة ومخاطر عالية لتضليل المستثمرين ومن بينهم صناديق استثمارية خليجية؛ ودول منافسة بقصد الإضرار بهم؛ وتكبيدهم خسائر فادحة؛ وفي المقابل تتعمد خفض تصنيفها السيادي للدول المستهدفة للتأثير السلبي على اقتصاداتها فتحقق من وراء ذلك أهدافها المزدوجة.
فضائح شركات التصنيف الأمريكية تفرض على المجتمع الدولي خلق شركات عالمية بديلة ومنافسة؛ قادرة على تقديم تصنيفات محايدة ونزيهة للدول والشركات بشكل عام.
نقلا عن الجزيرة
ماتم معاقبتهم عليه هو عدم التزامهم بالمعايير التي وضعوها للتقييم. مراقبتها والتأكد من التزامها بالمعايير الفنية للتقييم يزيل عنهم اللبس ويفي بحاجتنا.
مشكلة كثير من المسلمين حتى الآن أنهم ينفون المؤامرة من قبل الصليبيين واليهود وحميرهم المجوس على الإسلام والمسلمين . ذكر اللهُ تعالى أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنا ولن يتركونا في حالنا ويخشون الإسلام ... لنرجع جميعاً إلى ديننا ونترك التخوين بيننا .