نص نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، على أسباب عدة تؤدي إلى انقضاء الشركات بمختلف أشكالها وأنواعها، أي تنحلُ على إثرها الرابطة النظامية التي تربط بين الشركاء، وهذه الأسباب قد تكون أسبابا عامة أو أسبابا خاصة إذا تحقق أي منها تنقضي الشركة وتنتهي شخصيتها الاعتبارية.
ومن الأسباب العامة التي نص عليها هذا النظام لانقضاء الشركات هو تحقق الغرض الذي أنشئت من أجله الشركة أو استحالة تحققه، وهذا ما نصت عليه المادة (16) إذ نصت على أنه: «مع مراعاة أسباب الانقضاء الخاصة بكلِ نوع من أنواع الشركات، تنقضي الشركة بأحد الأسباب الآتية: ب/ تحقُق الغرض الذي أسست من أجله، أو استحالة تحقُقه».
ويفهم من المادة المشار إليها أعلاه أن الشركة تنقضي إذا تم تنفيذ العمل أو الغرض الذي تأسست الشركة من أجله، وذلك كأن يتم إنشاء شركة ما بغرض إنشاء أحد المطارات أو تشييد منطقة سكنية أو شق قناة، أو غيره من الأعمال الأخرى، ففي مثل هذه الحالات تنقضي الشركة حال الانتهاء من تنفيذ هذه المشروعات.
وفي حال استمرار الشركة في مزاولة نشاطها رغم تحقق الغرض الذي من أجله أنشئت، وظلت تقوم بمزاولة أعمال تدخل ضمن الغرض الذي من أجله أنشئت، فإن ذلك يكون تجديدا ضمنيا لها، غير أنه لا يُعتدُ به في مواجهة الدائنين الشخصيين للشركاء، إذ يحقُ لأيٍ من هؤلاء الدائنين الاعتراضُ على تجديد الشركة والمطالبة بوقف أثر هذا التجديد في حقِه.
وإذا كانت الشركة تنقضي بتحقُق الغرض الذي من أجله تم إنشاؤها، فإنها تنقضي كذلك في حال استحالة تحقُق الغرض الذي أنشئت من أجله، وهذه الاستحالة مرجعها عدة أسباب تقود إلى هذه النتيجة، وأحد أبرز وأهم هذه الأسباب هو هلاك مال الشركة.
فإذا هلك جميع مال الشركة أو هلك معظمه، بحيث يتعذر استثمار الباقي استثمارا مجديا، فإن هذا الهلاك يؤدي بلا شك إلى استحالة تحقق الغرض الذي أنشئت من أجله الشركة.
وخير مثال على ذلك نشوب حريق في مصنع الشركة ينتج عنه إتلاف الموجودات برمتها أو إتلاف معظمها، مما يتعذر معه استمرار الشركة في ممارسة نشاطها، وكذلك نشوب حريق في المتجر الرئيس يترتب عليه هلاك جميع البضائع أو معظمها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة.
وكما يكون الهلاك ماديا فإنه يكون كذلك معنويا، ومن ذلك على سبيل المثال، أن يكون الغرض الذي تأسست من أجله الشركة هو استغلال امتياز ممنوح لها، ثم يحدث لأي سبب من الأسباب أن يتم سحب هذا الامتياز منها، فيترتب على ذلك استحالة تحقق الغرض الذي أنشئت من أجله الشركة.
ويجب مراعاة الآثار الناتجة عن هلاك مال الشركة لمعرفة تأثيره على استمرار نشاط الشركة وبالتالي انقضاؤها من عدمه، ونتيجة لذلك يجب التفرقة بين الهلاك الكلِي والهلاك الجزئي لموجودات وأصول الشركة، إذ ان الهلاك الذي يترتب عليه انقضاء الشركة هو الهلاك الكلي، لأنه يؤدي دائما إلى استحالة استمرار الشركة في مزاولة نشاطها.
أما الهلاك الجزئي الذي يترتب عليه تعذر أو استحالة قيام الشركة بمواصلة نشاطها، فيأخذ حكم الهلاك الكلي ويترتب عليه ذات الآثار.
ولكن إن كان الهلاك الجزئي يترتب على إثره قدرة الشركة على مواصلة نشاطها بما تبقى لديها من أموال، فهذا الهلاك ليس من شأنه أن يؤدي إلى انقضاء الشركة، طالما أن الشركة باستطاعتها مواصلة نشاطها.
وجدير بالذكر أن هلاك مال الشركة قد يكون هلاكا كليا، وبالرغم من ذلك لا يؤدي إلى انقضاء الشركة، لأن الهلاك الذي يحتج به على انقضاء الشركة هو الذي يؤدي إلى استحالة تحقيق الشركة للغرض الذي أنشئت لأجله، وخير مثال على ذلك هلاك موجودات الشركة التي كان مؤمنا عليها، وكان مبلغ التأمين كافيا لإعادة الشركة إلى ممارسة نشاطها من جديد، ففي مثل هذه الحالة لا تنقضي الشركة ولا تنحل.
نقلا عن اليوم