تقوم شركة التضامن على الاعتبار الشخصي أي ان شخصية الشريك تكون محل اعتبار إذ ان هذه النوعية من الشركات تعتمد أساساً في تكوينها على قوة الأواصر الشخصية بين هؤلاء الأشخاص ومعرفة كل منهم بالآخر والثقة المتبادلة بينهم، وفي حالة وجود عوامل وأسباب تؤدي إلى الإخلال بالاعتبار الشخصي، فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى انقضاء الشركة وزوالها، ومن بين هذه الأسباب التي يمكن أن تقود لهذه النتيجة انسحاب أحد الشركاء من الشركة.
وقد أكدت المادة (35) من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 22/3/1385هـ على حق أحد الشركاء في الانسحاب من الشركة إذا كانت غير محددة المدة، إذ نصت على أنه: "تنقضي شركة التضامن بوفاة أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإشهار إفلاسه أو إعساره أو بانسحابه من الشركة إذا كانت مدتها غير معينة...".
فبموجب هذه المادة يحق لأي شريك الانسحاب من الشركة ولا يجوز حرمانه من هذا الحق إذا استوفى مجموعة من الشروط أهمها أن يعلن عن رغبته في الانسحاب من الشركة لبقية الشركاء بأي طريق من الطرق النظامية المتبعة في هذا الخصوص، وألا يكون الانسحاب ناتجاً عن غش أو سوء نية، أو يأتي في وقت غير ملائم كأن يعلن مثلاً رغبته في الانسحاب والشركة على وشك الإفلاس أو أثناء مرورها بأزمة اقتصادية أو أثناء دخول الشركة في فترة رواج وتحقيق عائدات متوقعة وغيرها من الأمور الأخرى.
وفي حال استيفاء هذه الشروط فإن انسحاب الشريك من الشركة يقع صحيحاً ويترتب عليه انقضاء الشركة وانتهاء شخصيتها الاعتبارية، إلا أن هذا الأصل يرد عليه استثناء وهو عدم انقضاء الشركة في حال وجود اتفاق مسبق بين الشركاء في عقد الشركة يتضمن استمرار الشركة في حق بقية الشركاء عند انسحاب أحدهم منها، وعندها لا يكون للشريك المنسحب إلا نصيبه في أموال الشركة، وفي هذه الحالة تظل الشركة قائمة ومستمرة بين بقية الشركاء.
وجدير بالذكر أن الشريك المنسحب في شركة التضامن يظل مسؤولاً بالتضامن مع بقية الشركاء في الشركة عن الديون والالتزامات التي ترتبت عليها قبل انسحابه منها، ويعتبر ضامناً لهذه الديون بأمواله الشخصية مع باقي الشركاء.
وكافة هذه الأحكام تنطبق على انسحاب الشريك في الشركة غير المحددة المدة، إما إذا كانت الشركة محددة المدة فالأصل وفقاً للقاعدة العامة أن أي شريك لا يجوز له الانسحاب من الشركة محددة المدة وفقاً لاتفاق الشركاء الوارد في عقد التأسيس، ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا لأسباب نظامية أخرى.
ويفهم من هذا أن كل شريك يجب عليه الالتزام بعقد الشركة طوال المدة المحددة لها، إذ لا يحق لأي منهم المطالبة بالخروج أو الانسحاب منها إلا بعد انتهاء المدة المتفق عليها، إلا أن هذا الأصل يرد عليه أيضا استثناء وهو حق أحد الشركاء في الانسحاب من الشركة قبل انتهاء المدة المحددة لها إذا وجدت أسباب جدية ومقبولة تبرر انسحاب أحد الشركاء، وفي هذه الحالة يحق لهذا الشريك التوجه للقضاء للمطالبة بانسحابه من الشركة لأسباب مقنعة ووجيهة تبرر هذا الانسحاب.
وللمحكمة هنا سلطة تقديرية في قبول طلب انسحاب الشريك من عدمه لأنها تأخذ مصلحة الشركة بعين الاعتبار، ولذلك فهي تصدر حكمها تبعاً لما يحقق مصلحة الشركة وبقية الشركاء.
وفي حال صدور حكم يقضي بأحقية الشريك في الانسحاب من الشركة فعندها يجوز لبقية الشركاء الاتفاق على استمرار الشركة فيما بينهم إذا كان عقد الشركة قد تضمن استمرارها بعد خروج أحد الشركاء منها. كما يحق لهم أيضا الاتفاق على عدم استمرار الشركة ويترتب على ذلك انقضاؤها وزوالها.
نقلا عن اليوم