شركة المعجل إلى (حراج بن قاسم)

08/01/2017 11
عاصم العيسى

شركة المعجل: عجز فاضح للجهات التشريعية والرقابية والقضائية ومجالس الإدارات المتعاقبة!.

يدل على ذلك الآتي:

1-على مرأى ومسمع من الجميع تتهاوى الشركة سنة بعد سنة فتغرق في خسائر شهرية إلى أن بلغت حتى 30/11/2016م مبلغ 3,668 مليون ريال بخسائر متراكمة بنسبة 4/293% من رأس مال الشركة, دون أن تتحرك جهات رقابية لمعرفة أين مواطن الخلل ومساءلة المتسببين وإصلاح ما يمكن إصلاحه وتفادي ما يمكن تفاديه, وكأن لا جهات رقابية مسؤولة نظاماً عما يحصل! 

مع ملاحظة أن عشرات الشركات المساهمة تغرق بخسائر وتتحول من الربحية إلى الخسارة الشديدة المُفاجئة دون أية تدخل أو سؤال أو تفتيش أو  إشراف من أية جهة رقابية عن أسباب الخسائر والمُتسببين فيها!.

2-دَوّنَ المراجع الخارجي للشركة العديد من الملحوظات والتحفظات على القوائم المالية للشركة, بعضها فاضح وصادم, دون اتخاذ أية إجراء من أية جهة رقابية!.

3-أصدرت هيئة السوق المالية لائحة (الإجراءات والتعليمات الخاصة بالشركات الخاسرة), وأعلنت الهيئة تطبيقها ابتداءً من 1/7/2014م, فما هو المُطبق منها يا سادة على شركة المعجل وغيرها؟! هل أعد مجالس الإدارة المُتعاقبة خطة لتعديل أوضاع الشركة, وإعلانها, وتطبيقها, كما نصت على ذلك المادة الرابعة من اللائحة؟.

4-كلفت هيئة السوق المالية أحد الدور الاستشارية العالمية (Protiviti) للتفتيش على مخالفة الشركة بشأن الورقة المالية وتقدير سعر طرحها, والتي أعدت تقريرها في عام 2012م, ومن ذلك الحين لم تقم الجهات الرقابية بأية تفتيش أو تحقيق على ما يجري في الشركة وعن خسائرها أو أية مخالفات أخرى.

5-لاحظ المتابعون أنه لا مجال لقبول حتى السؤال عن مدى مسؤولية الجهة الرقابية في تحديد سعر الطرح!. 

6-عُينتُ من الجمعية العمومية للشركة نائباً عن المساهمين بإقامة دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس الإدارة السابقين, وبهذه الصفة -التي أعتز بها- طلبتُ رسمياً من الهيئة الاشتراك في التفتيش الذي تُجريه, وأن يُمكَن المساهمون من تزويد الهيئة بما لديهم من معلومات عن تجاوزات في الشركة, إلا أن هذا الطلب اعتُذر عنه. 

7-طلبتُ التدخل في القضية المُقامة من الهيئة ضد المتهمين والمنظورة أمام لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية, بوصفي نائباً عن من وَقعَ عليهم الضرر, إلا أن هذا الطلب اعتُذر عنه.

8-أقمتُ دعوى المسؤولية ضد المتورطين في غير الأخطاء المتعلقة بالورقة المالية, وأعني الأخطاء المرتبطة بالتجاوزات والأخطاء الإدارية والمالية, أمام ديوان المظالم بالدمام, طالباً تكليف دار خبرة متخصصة للتحقيق والتفتيش على أعمال الشركة والتجاوزات الإدارية, وقد طلب ديوان المظالم من هيئة السوق المالية تزويده بنسخة عن التقرير الذي أجرته الهيئة بشأن الشركة, للتحقق من عدم الازدواجية بين الدعويين المنظورة أمام اللجنة والديوان, فاعتذرت الهيئة عن ذلك, باعتبار أن التقرير مُلك لها.  

9-أصدر الديوان حكمه بتاريخ 25/12/1437هـ بوقف السير في الدعوى وقفاً مؤقتاً لحين صدور القرار النهائي من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية.

10-امتنعت الشركة عن الإعلان عن هذه التطورات الجوهرية, حيث لا مصلحة لها في هذه الإعلانات ولم تُلزمها جهة بالنشر.

11-أعلنت الهيئة بتاريخ 15/6/2016م صدور قرار لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بإدانة مؤسس الشركة وآخرين, وإلزامه بدفع المكاسب غير المشروعة -المتحققة نتيجة التضليل في سعر طرح الورقة المالية- إلى حساب الهيئة وقدرها 1,620 مليون ريال, إلا أن القرار أشار إلى عدم سماع الدعوى فيما يتعلق بالمخالفات التي وقعت من المحكوم عليهم بعد مرحلة الاكتتاب, وكذلك عدم سماع الدعوى بخصوص المخالفات التي تمت من الأشخاص الذين لن يتم الحكم عليهم في تلك القضية لكون مخالفاتهم وقعت بعد مرحلة الاكتتاب. وأن هيئة السوق تعتزم التنسيق مع هيئة التحقيق والادعاء العام لرفع دعوى عامة ضد المدعى عليهم وأي شخص آخر تثبت مسؤوليته عن المخالفات اللاحقة لمرحلة الاكتتاب.

وأستنتج أن الموضوع أخذ سنوات وسيأخذ سنوات كذلك, ومما يدل على ذلك أيضاً أن قرار لجنة الفصل منظور لدى لجنة الاستئناف من تاريخ 15/6/2016م, مما أتوقع معه وجود إشكاليات حقيقية في الحكم, مع إيماني أن حجم القضية كبير وإشكالياتها معقدة جداً.

ويأتي السؤال الذي يطرح نفسه من ملابسات هذه القضية وإجراءات الإثبات والتقاضي فيها أمام الهيئة واللجنة والديوان, هل نحن أمام جهات رقابية وقضائية تتسم بالضعف وعدم ملكية الأدوات الفنية اللازمة للبت في هذه الدعوى وأمثالها, وبخاصة أن المتضررين منها (97,000) مساهم، وربما وراء كل مساهم عائلة, وبقيمة إجمالية للأسهم وقت إيقاف تداولها تفوق المليار ونصف ريال, ولإيقاف تداول الأسهم دون أن يتمكن المساهمون من الاستفادة من أموالهم واستثماراتهم منذ تاريخ 21/7/2012م.  

12-في الجانب الآخر؛ فإن على الشركة ديون لسبعة بنوك تفوق قيمتها (1,7) مليار ريال, وديون للموردين بمبلغ (2/461) مليون ريال, ورواتب متأخرة بما شاء الله, وأقساط متأخرة للتأمينات الاجتماعية بمبلغ (17,37) مليون, وفي المقابل للشركة ديون لدى الغير بمبلغ (1,1) مليار ريال, والسؤال: هل لكم أن تتصورا أن هذا كله من غير محامٍ للشركة يترافع عنها في الدعاوى المقامة ضدها أو ليُطالب بما للشركة من حقوق؟! مما يجعلني أقول بصراحة؛ إنه مال سائب!.

13-حصل العديد من الدائنين على أحكام قضائية وقرارات من قاضي التنفيذ على الشركة بما مجموعه مبلغ (742,539,330) ريال, وهم يطالبون بتطبيق نظام التنفيذ استيفاءً لحقوقهم, ومن ذلك بيع موجودات الشركة بما يغطي ديونهم, ويأتي السؤال: وماذا عن الدائنين والقضايا الأخرى التي ما تزال مرفوعة ومنظورة أمام الجهات القضائية؟ أم أن (من سبق لبق)؟. 

14-هل تعلمون أن السبعة بنوك تقدمت بدعاوى للمطالبة بمديونياتها إلى لجنة المنازعات المصرفية, في حين أن مجموعة سامبا المالية فقط التي تقدمت مباشرة بالسند لأمر الذي لديها إلى قاضي التنفيذ بمبلغ (248,244,803) ريال, وبالتالي هي وحدها دون البنوك الأخرى من ستنال من كعكة بيع الموجودات؟ فأي فوضى قضائية هذه!. 

15-هل المنطق والمقبول شرعاً ونظاماً وواقعاً وحكمة, أن يكون التنفيذ على موجودات الشركة وبيع أصولها وفاءً لبعض الدائنين دون غيرهم؟ ودون حصول الجميع على حقوقهم قسمة غرماء؟.

16-أين نظام التسوية الواقية من الإفلاس؟ أين التصفية؟ من يُقرر الاختيار الأنسب لمثل هذه الشركة؟ من يُعين المصفي والمحامي والخبير لهذه الشركة وأمثالها؟ من يستطيع أن يجيبني أين موطن الخلل الحالي في هذه الشركة, هل هو إداري؟ مالي؟ إجراءات رسمية وقضائية؟.

17-تعاقب على الشركة خلال سبعة أشهر أربع مجالس إدارات, اثنان منها مُعين من هيئة السوق كلجنة مؤقتة للإشراف على الشركة, وها هي قبل أيام تُعلن اللجنة المُشرفة تمديد فترة الترشيح لعضوية مجلس الإدارة, والسؤال المطروح: إن تخلى الجميع عن تحمل عبء هذه الشركة الثقيل ذو التحديات الكبيرة, فهل ستُترك إدارة الشركة للمجهول تلو المجهول دون أي إجراء نظامي وإداري ومالي صحيح يحمي الشركة؟ يحمي المساهمين, وسوق الأسهم, واقتصادنا, وسمعة حكمتنا؟.

مع الإشارة إلى أن كل مَن قرَبَ من هذه الشركة في الفترة الأخيرة كمجلس الإدارة الأخير وبوصفي مستشاراً قانونياً له، لم نسلم من الأذى والنقد والتجريح, مع أن كل جهودنا كانت بلا مقابل.

18-كل ما سبق يؤكد لدي أن خللاً فاضحاً يعتري المنظومة التشريعية والرقابية والقضائية ومجالس الإدارات المتعاقبة، أدى إلى تفاقم المُشكلة وتراكم الخسائر على ظهر المساهمين والدائنين, ومن ذلك عزوف الجهات الرقابية عن إصدار البيانات والإيضاحات اللازمة التي يتطلبها عطش المساهمين لمعرفة واقع شركتهم, حيث المساهم آخر من يعلم عن حلاله؟.

19-أدى ذلك إلى أن يدلي الجميع ببيانات عن الشركة، وتخمينات وتجاذب آراء، وتراشق التهم, حتى نجح المتهمون والمحكوم ضدهم بإيصال رسالة: أن الخلاف هو وجهات نظر وصراع بين مصالح متخاصمين بلا بينة, وهو أمر في غاية الخطورة إن كنا ندعي ونطالب بشفافية السوق! وأجزم أنها غائبة. 

20-إن غياب الإجراء الصحيح في الوقت المناسب سيؤدي بهذه الشركة العملاقة حتماً إلى مزاد (حراج بن قاسم), وهو ما أكده خبر بيع أصول الشركة بالمزاد, فأي درس بليغ ممكن أن نتعلمه من التجربة؟.

21-نتعلمه ليس فقط لشركة المعجل, فأمثالها كثير: الباحة, بيشة, تهامة, موبايلي, دار الأركان, الأسماك, ...، وها هي مستشفى سعد عليها مديونيات لموظفيها وآخرين, وقد تلا ذلك إغلاق المستشفى!.

إن إغلاق مستشفى بقيمة مليار ريال سيتسبب بتلفه وأجهزته وضياع موظفيه, فيفقد بذلك قيمته لتصبح (العُشر), ويكون كلٌ خاسر, في حين أن الاختيار الأسلم هو بيع الكيان كمستشفى متكامل ثم سداد الالتزامات.

22-الاستنتاجات:

أ‌-أن الفرق كبير بين النظام المُدوَن على الورق والنظام المُطبق على أرض الواقع, وشتان بينهما, وقد يكونا في بعض الأحيان على طرفي نقيض.

ب‌-أن المنظومة بين الجهات الرقابية والقضائية غير مكتملة, وأن تنازعاً سلبياً واضحاً قد صاحب إشكاليات شركة المعجل, مما طرح السؤال الأهم: أي جهة رقابية مسؤولة عن الإشراف على إشكاليات شركة المعجل, وبخاصة أنها تدور بين ما يرتبط بالورقة المالية, وبإدارة الشركة, وبالقوائم المالية, وبجرائم منسوبة للمتسببين؟ أهي التجارة؟ الهيئة؟ ديوان المظالم؟ قضاء التنفيذ؟ ...؟.

ت‌-أن واقع الشركات الخاسرة مؤلم في بلدي, من حيث ما تحتاجه من تشريعات ورقابة وقضاء, ويؤسفني أن أقول: أن كل جهة قد رمت المسؤولية على الأخرى. 

ث‌-أنه لا مساءلة حقيقية في بلدي! رغم جسامة الخطأ وفداحة الضرر, يتضح ذلك مما أشرتُ إليه من عدم اكتمال التحقيقات حتى الساعة, وعدم حتى البدء في العديد من الدعاوى على من تسبب!.

23-المطلوب:

تشكيل لجنة عاجلة من الجهات الرقابية والقضائية لتتولى اتخاذ الإجراء النظامي السليم, المطلوب لحماية الشركة وحقوق المساهمين, واتخاذ القرارات المناسبة التي تتطلبها مرحلة الشركة, وهو ليس بالضرورة تحويل الخسارة إلى الربح، بالإضافة إلى ما تتطلبه الشركة من إجراء تحقيق وتفتيش على جميع التجاوزات وتحديد المتسببين فيها, وإقامة الدعاوى اللازمة ومتابعتها لمساءلة المخطئين وتعويض المتضررين.

وكنتُ قد ذكرتُ في لقاء تلفزيوني سابق أنه عندما تُوفي المُعلم/ محمد بن لادن (الأب, مؤسس شركة بن لادن) بحادث طائرة, وحفاظاً على كيان الشركة ولوجود قُصر بين الأبناء فقد أصدر الملك فيصل رحمه الله قراراً حكيماً في الوقت المناسب بتعيين مجلس وصاية على الشركة, كان السبب بعد الله في الحفاظ على كيان هذه الشركة وديمومتها.

مع تذكير وزارة التجارة والاستثمار بمهامها المنشورة على موقعها وبنظام اختصاصات الوزارة, وتذكير هيئة السوق المالية بنظامها وبالذات المادة (الخامسة), وكذلك المادة (69) من نظام الشركات التي منحت اللجان المؤقتة المُعينة من هيئة السوق المالية مهمات واسعة في تولي الإشراف على إدارة الشركة.

وإلا فإن مآل شركاتنا المساهمة إلى (حراج بن قاسم)!.

أكتبُ ما سبق وكلي ثقة بمؤسسات الدولة ورجالاتها المخلصين. وللشركة وللمساهمين الدعاء بالتوفيق.

خاص_الفابيتا