التغيير وتصريح وزير العمل

18/12/2016 3
فواز حمد الفواز

في اول تصريح مقتضب ومهم لوزير العمل بدا ان هناك تغيير في الافق قد يكون نوعي ولكن من المبكر الحكم عليه حول التعليم الجامعي. التصريح مهم وفي قلب محاولة التحديث ونقل الاقتصاد الى مدار جديد.

ولكن لازال هناك درجة عالية من الغموض والابهام قياسا على درجة أداء مؤسسة التعليم الفني اثناء العقد الأول من هذا القرن ومن ثم التردد الواضح في الدفاع عن التصريح. اختلطت الرسالة الوطنية مع الحاجة للتموضع المكتبي.

هذا التصريح ذكرني بما ذكر لي الدكتور محسن فردي (أستاذ اقتصاد اثناء الدراسة واخر وكيل لوزارة الاقتصاد الإيرانية اثناء حكم الشاه) بان كفاءة التعليم الفني كانت من أسباب تخلف الاقتصاد الإيراني حين ترفض الشركات توظيف المخرجات او تعيد تدريبهم وتبدأ جهات أخرى في تأسيس معاهد فنية لان المؤسسة الام غير كفؤ. في نظري الإشكالية في المملكة أكثر فداحة على التنمية والاقتصاد وعلى أكثر من صعيد.  

إيران بلد كبير السكان ولدية عرف علمي وفني أعمق ولذلك المقارنة محدودة ولكن التقصير في الاهتمام بالتعليم الفني مشترك واضح، بل ان التحدي لدينا أكثر تعقيد وحساسية. المسؤولية علينا تتطلب صراحة غير معهودة وفكر أكثر وضوح وأداء اعلى، هذا كله ممكن ولذلك تصريح الوزير مهم ولكنه لا يكفي وليس وثيقة في السياسة الاقتصادية العامة خاصة انه ابدا تردد واضح بناء على ما ورد على لسان المتحدث باسم الوزارة.

التعليم الفني نقطة تقاطع بين تركيبة سوق العمل من ناحية وكفاءة المواطن العامل من ناحية أخرى، ولكن أيضا لا تقف الأهمية هنا فقط، بل انها ترسم معالم نظرتنا الحقيقية للتعليم من ناحية ودور التعليم في التحول الاقتصادي المنشود.

تداخل سوق العمل مع التركيبة السكانية وفعالية التعليم لدى النخبة وعدم التفريق المزمن بين النمو والتوسع الاقتصادي وحاجة الجميع حول رفع دخل المواطن يجعل عملية إعادة مركزية التعليم الفني أصعب مهمة في المملكة لأنها في مركز هذه التقاطعات.

انخراط الجميع في منظومة عمل صحية يبدا من إعادة المفهوم الاقتصادي الذي يرغب في إعادة إعطاء المواطن الدور الأساس في اغلب الاعمال الفنية. ليس هناك ما يشير الى هذه الرغبة في منظومة السياسات العامة ذات العلاقة في الواقع العملي الى الان وحسب علمي. الارتماء الى نماذج إدارية او اعداد المباني والمعامل والطلاب او حتى بعض النماذج الطيبة محاولة للإدارة الورقية على حساب العملية والقيمة المضافة اقتصاديا ومعرفيا او تفادى المسؤولية في اسوى الحالات. 

حين يذهب حوالي 45% من مخرجات الثانوية العامة في كل بلد جاد مثل كوريا وسنغافورة وسويسرا وأمريكا الى التعليم الجامعي بينما يذهب لدينا والكثير من الدول الفاشلة ومنهم حول الفشل حوالي 90% هناك إشكالية كبيرة يريد الكثير عدم التحدث عنها أحيانا بسبب العلاقة الشخصية المباشرة عن هذه الفوضى الجماعية او حيانا بسبب التعلق بمفاهيم سطحية حول التحدي الاقتصادي والتعليم.

من أسباب تدهور التعليم الفني ان اغلب من يتوجه الية أضعف الطلاب لان اغلب الطلاب يتوجهون لتعليم جامعي مسطح.

النصف الضعيف من طلاب الجامعات يؤثر سلبا على النصف الأفضل وبالتالي يختلط الحابل بالنابل. ندخل في دوامة، التعليم الجامعي يضعف لكي يواكب الاعداد الكبيرة الغير كفؤ والتعليم الفني يضم أضعف العناصر وأحيانا المحبطة. ننتهي بسوق عمل مشوه.

معادلة يخسر فيها الجميع بسبب عدم كفاءة وصراحة النخبة. النتيجة ان الاقتصاد يعمل بأقل من طاقته والمجتمع وخاصة الاقتصادي يشتكي من كفاءة المواطن وضعف المخرجات ويصبح الوافد أكثر سيطرة على الاقتصاد فنيا وانتاجيا.

أحد التبعات المرهقة اليوم ان الكثير من مخرجات أشباه التزوير او التعليم الملفق يدافعون بشراسة عن تعليم جامعي الكل يعرف انه أعرج بل تبعة نظام بعثات مكلف وبعوائد متواضعة. بل منطق التسلسل الوظيفي يجر الى وصول الكثير من ملفقي التعليم وأشباه المزورين الى الطبقات النخبوية وبالتالي تصبح بعض النقاشات عدمية.

المجتمع بأسره يدفع تبعات عدم الجدية والصراحة المؤلمة والكذب على بعض في توافق مجتمعي مضحك حيث كلنا مستفيد وكلنا ضحية.

في الأخير لا يتم إعطاء هذا الموضوع حقة دون الحاجة لرفع دخل المواطن وهذا يتم حين تدفع الحكومة لتعليم فني حقيقي بيد وتحمي المواطن من الوافد بيد أخرى. مركزية التكوين الاقتصادي تدور حول هذه النقطة وربطها بتصريح الوزير.

نتطلع الى الجدية والصراحة والعمل الصادق. تجسيد الرؤية وتحقيق اهداف الخطط الوطنية لن ليس اهم من النواحي البشرية. ننتظر شرح وافي ومتكامل من وزير العمل.

خاص_الفابيتا