حمى الاستدعاء

25/02/2010 2
خالد أبو شادي

تابعنا ما حدث لتويوتا النجم اللامع لحمى الاستدعاء التى ضربت بعض شركات صناعه السيارات امثال هوندا وفولكس فاجن ،لكن تويوتا كانت ابرزهم بلاشك ،ولقد انبرت الاقلام لتوصف وتحدد مكامن العيوب التى ادت بعملاق مبيعات السيارات العالمى من الوصول الى هذه الحاله والتى مشى معها بالتوازى "حمى "امريكيه اعلاميه ملتهبه ضد تويوتا.

وكأنه مسلسل كابوسى عاشه الحفيد "اكيو تويودا"  وريث اكبر الامبرطوريات فى صناعه السيارات والتى ثابرت وكافحت بعرق وجد والتزام واداره بالغه الحنكه كى تقتحم  الاسواق العالميه خصوصا الامريكيه التى كانت مستعصيه تماما بفضل نجاحات جنرال موتورز وفورد.

وبغض النظر عن العدد الضخم من السيارات التى تم استدعاؤها مؤخرا والتى فاقت 8 مليون سياره من اجل اخطاء فى تصنيع وتصميم المكابح الا ان الرجل "تويودا" خرج  على العالم برساله اعتذار لكنها بالطبع لم تكن كافيه خصوصا مع تتابع السيل الاعلامى الامريكى الذى هاجم تويوتا والتى اخطأت فى عدم اكتراثها برسائل وشكاوى عملائها  والتى ابرزت العيوب الفنيه ،لكن هل الاشكاليه كانت فى الاهتمام برسائل العملاء ام ان ما حدث هو تضخيم لاشكاليه تعرضت لها شركات كبرى سابقه امثال بوينج الامريكيه والتى تعرضت عام 2002 لاعاده فحص ثلاثه الآف طائره بسبب خلل كهربائى فى خزانات الوقود ،كما استبدلت "ايرباص" الاوروبيه اجهزه قياس السرعه فى مائتى طائره –كما ذكرت جريده الحياه - دون ان تقوم الدنيا ولا تقعد .

ووقف "تويودا" امام مجلس الشيوخ الامريكى هذا الاسبوع لمزيد من تسليط الضوء على اخفاق تويوتا والذى يصر الامريكان على تلميعه كلما تناساه الناس كما نسوا ان التحول الى تويوتا ومثيلاتها كان بسبب الانفجارات التى طالت احد طرازات فورد فى سبعينيات القرن الماضى.

وما اشبه الليله بالبارحه فها هى فورد تستفيد مع هيونداى من مأساه تويوتا فى انعكاس مثير للاحداث  وترتفع مبيعاتها بعد عمليات الاستدعاء المحمومه من جانب تويوتا.

ان البعض يرى ان اليابان توجهت الى "الافراط "فى الانتاج خصوصا بعد"التكاسل" الاقتصادى الذى تعرضت له صادراتها فى الوقت الذى ارتفعت فيه قيمه العمله اليابانيه مما اضر كثيرا بأرباح الشركات ،الا ان هذا الرأى ربما يبدو غير منطقيا لان تصاعد وتيره التحرك التكنولوجى بالاضافه الى انتشار مصانع الشركه فى انحاء الارض قد وفر لها ميزة "الوفره  "فى الانتاج ،لكن الاشكاليه قد تكمن فى الاداره وعدم التحكم فى المصانع المتعدده بدرجه كفاءه ملائمه وغياب الرقابه التى كانت احدى سمات الازمه العالميه ،حيث تسول نفس الانسان الكثير اذا تأكد انه بلارقيب فى ظل قوانين رأسماليه تشجع على ذلك.

ان اشكاليه ازمه تويوتا الحاليه انها تزامنت فى وقت تتحين فيه "الشركات الامريكيه" الفرصه كى تسكب مزيدا من البنزين فوق اى نيران ،خصوصا وان وقوع "الكبير" يعد فرصه لا تعوض لتعداد مزيد من العيوب والنواقص والصاقها به مع بقاء "توابع الازمه الماليه" ساخنه فوق السطح والبحث الدائم عن الضحايا من الكبار وتعليقهم على مشانق عاليه فوق ابراج البث الذى لا يهدأ من الميديا الامريكيه .

ويبقى ان الايمان بالديمومه لا يكون سوى للخالق جلا وعلا  ،وان قوة تويوتا او غيرها لا تعتمد بالاساس فقط على ثقه الناس فيها وفى منتجها بقدر ما تعتمد على قدرتها على البقاء والتجدد  والالتزام دائما ،وبما ان ذلك لا يمكن ان نضمنه او نتأكد من وجوده بصفه مستمره مثلما يحدث فى اسواق المال عندما يبدأ تصحيح سعرى بعد انتهاء موجه صعود دافعه خامسه ،عندها يكون الهبوط عنيفا  لكن لا أحد يصدق ساعتها اننا ذاهبون الى اسفل لامحاله لاننا اعتدنا على رؤيه الصعود دون النظر لتوابعه الاكيده.

وبهذا لايمكننا ان نطلب من تويوتا سوى مراجعه "الداخل" جيدا وترتيبه والاستعداد لتحمل تبعات ازمتها فى الوقت الذى نطالب فيه ميديا الولايات المتحده ان تتريث قليلا  والا معوجه التفكير والتوجه

تويوتا ستعانى بلا شك وستنفق الكثير من الاموال فى وسائل الاعلام جميعها كى تحاول استعاده مكانتها لكنها الازمه التى لها جعلتنا نخاف من الكبار دائما كون اسمائهم اللامعه ليست دليل قوه مستديمه على الاطلاق ،واذا كنا قد احترمنا اعتذار "تويودا " فاننا فى المقابل لا ننفى او نقلل من قيمه  خطأ شركته "تويوتا"،لكن يبقى ايضا الاصرار الامريكى على افساد كل ذلك لصالح شركاتها التى بدأت تجنى ثمار توجع تويوتا وتألمها.