خلال الثمانينيات من القرن الماضي كانت اليابان و المانيا تمثلان نموذج الدولة التصنيعية في تكامل الصناعة و ليس اوضح من هذا النموذج كصناعة السيارات، و لكن في التسعينات بدات السيارات الكورية و الى حد اقل تعافت السيارات الامريكية الى العقد الثاني من هذا القرن حيث بدات السيارات الصينية و خاصة مع ثورة السيارات الكهربائية في منافسة و ربما تهديد مباشر للسيارات الالمانية. صناعة السيارات مركزية في ألمانيا خاصة ان التكامل من خلال الشركات الكبيرة كبوش و كونتيننتال و العائلية الصغيرة المغذية احد خصال و عامل مؤثر لنجاح الصناعة و جودتها. تغيرت البيئة العالمية و اصبحت الصناعة في ألمانيا تواجه تحدي يعتبره بعض الألمان وجودي، اول جذور التحدي ان السيارات الالمانية الكهربائية لا تلاقي اقبال كبير بسبب التكلفة و الاسباب الاخرى التي تعيقها حتى في المانيا عالميا بينما الشركات الالمانية لاتزال تعتمد على آلية الاحتراق الداخلي. هناك ردة فعل ضد السيارات الكهربائية خاصة بعد توقف الدعم في ديسمبر الماضي و بالتالي هناك عودة للشركات نحو السيارات التقليدية. عودة فيها تردد من ناحية و فرصة للسيارات الصينية و التي استغلت تكامل صناعتها حيث تسيطر الصين على صناعة البطاريات كاهم جزء في السيارة و ساعدها حجم السوق للمنافسة ليس في السعر فقط و لكن الجودة ايضا. احد جوانب التحدي ان مشتري السيارات الكهربائية لازال في الغالب من الاعلى دخلا و لذلك ترتفع المخاطر حين تعم السيارات الكهربائية للغالبية. كذلك لم يساعد تردد الحكومة في سياسة الطاقة و منها السيارات الكهربائية.
لذلك لن تستطيع الحكومة من تحقيق هدفها 15 مليون سيارة كهربائية في 2030 حتى بعد التخفيضات في الاسعار. النتيجة ان ألمانيا لم تعد في مقدمة الدول التي تشكل صناعة السيارات على الاقل الى الان. دور الصناعة في اقتصاد ألمانيا مركزي حيث توظف 780 الف و تستثمر €45 مليار سنويا في البحث و التطوير. قيادة القطاع انتقلت الى تسلا الامريكية و BYD الصينية و التي بدأت كمصنع للبطاريات و لذلك لديها ميزة تنافسة تساعدها تكامل التصنيع من المنجم الى التصميم و البرمجيات في الصين، تكامل مكن الصين من المنافسة العالمية اثرت حتى على تسلا حيث باعت BYD اكثر من تسلا في الربع الاخير من العام الماضي لأول مره. يزداد التحدي للسيارات الغربية اذا عرفنا ان الشركات الصينية تنتج حوالي 80% من طاقتها. بل ان الشركات الصينية تريد اختراق السوق الأوروبية وخاصة الالمانية حيث حصة الشركات الصينية في أوروبا 3% بينما تستهدف 20% في 2030. تستهدف الصين سعر €10 آلاف بينما لا تستطيع الشركات الالمانية منافسة حتى 20 الف. لذلك يناقش الاتحاد الأوروبي ضريبة عالية على الصينية. ما يزيد الضغط على السيارات الالمانية ان الاتحاد الأوربي بصدد تطبيق غرامات مقابل ثاني أكسيد الكربون في 2025، و لكن حتى فوكس واجن لن تبدا انتاج سيارات بنحو 25 الف حتى 2026.
هناك ضغط و حالة من عدم اليقين حيث وجدت صناعة السيارات الالمانية نفسها في وضع هيكلي صعب و لكن ايضا هناك محاولات لاعادة التمركز و التكامل و لكن يصعب ان ترجع مركزية الصناعة و تكاملها بسبب التكلفة و قلة الاجزاء المكونة للسيارة. ايضا لابد للشركات الصينية ان تتقلص لانها حالة تشابة بداية صناعة السيارات قبل قرن في امريكا حيث كان هناك عشرات الشركات الى ان تقلصت الى ثلاث شركات. لذلك لابد لعملية التدمير الخلاقة ان تاخذ مداها و لكن غالبا لن تعود الصناعة لمركزيتها في ألمانيا.
نقلا عن الاقتصادية