قام برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة على أساس مبدأ تحفيز المواطنين للعمل في القطاع الخاص. وفكرة البرنامج ترتكز على ان الموظف في القطاع الخاص يكلف اقل وينتج اكثر من الموظف في القطاع الحكومي. لذلك يقوم المسؤولون على البرنامج بجهود مستمرة لتشجيع الموظفين الحكوميين للانتقال للقطاع الخاص وتحفيز مجتمع نشيط من رواد الاعمال، الذين يخلقون فرص عمل جديدة. رؤية البرنامج هي ان يكون «القطاع الخاص الموظف الأكبر للعمالة الوطنية». وقد ارتفع عدد موظفي القطاع الخاص من ٢٠ الف موظف في سنة ٢٠٠١ الى ٨٠ الفاً في ٢٠١٤.
تخفيض موظفي القطاع الخاص
ولكن تغيرت أولويات البرنامج في الفترة الاخيرة. ومع اجراءات التقشف الحكومية، قام المسؤولون على البرنامج بالسعي لتقليل المصروفات. وأصبح الهدف الأساسي هو القضاء على تسجيل العمالة الوهمية. وتم استحداث آلية إذن العمل في سنة ٢٠١٥. وبالفعل نجح البرنامج بتقليص الأعداد لتصل الى ٥٠ الفاً سنة ٢٠١٦. وسجل النجاح توفيراً كبيراً في الأموال يفوق ربع مليار دينار سنوياً.
زيادة موظفي القطاع الحكومي
والسؤال هو أين اتجه هؤلاء الموظفون؟ وهل ستتحمل الدولة مبالغ اخرى بسبب التوفير الذي حققه البرنامج؟ تتكلف الدولة في باب الرواتب مبالغ تصل الى ٩ مليارات دينار، وعدد موظفي الحكومة يبلغ ٢٧٠ الفاً تقريباً. لذلك يصل معدل تكلفة توظيف المواطن في الحكومة الى ٢٧٥٠ ديناراً شهرياً. وبالمقارنة، تتكلف الدولة ٣٥ مليون دينار لـ٥٠ الف موظف مسجل في دعم العمالة. وهذا يعني ان تكلفة توظيف المواطن في القطاع الخاص هي ٧٥٠ دينارا فقط. والسبب هو عدم حاجة الحكومة لترقية موظفي القطاع الخاص الى رؤساء أقسام أو مديرين أو وكلاء وزارة. لذلك قد يكون البرنامج تخلص من ٣٠ الف موظف مع توفير ٢٥٠ مليون دينار للدولة.
الا ان هؤلاء المواطنين سيتوظفون في الحكومة وستصل تكلفتهم على الدولة الى مليار دينار سنوياً. لذلك تصبح المعادلة هي توفير ربع مليار دينار وخسارة مليار دينار لاحقاً. وهي معادلة تحافظ على وظيفة الامين العام لبرنامج اعادة الهيكلة، لكنها تزيد التكلفة على الاحتياطي العام للدولة بمبالغ هي في أمسّ الحاجة لها. لذلك حقق البرنامج فشلاً ذريعاً بسبب زيادة التكاليف على المال العام بقيمة ٧٥٠ مليون دينار سنوياً. واستطاع بنفس الوقت تدمير ٣٠ الف وظيفة في القطاع الخاص.
معاقبة موظفي القطاع الخاص
وقدمت اللجنة العليا لمعالجة ظاهرة التوظيف الوهمي للعمالة الوطنية بالجهات غير الحكومية مؤخراً توصياتها الى مجلس الوزراء. وقدمت اللجنة التوصيات التالية:
١. ربط ادارة المنافذ مع برنامج اعادة الهيكلة.
٢. اعتماد نظام الخروجيات العسكرية في حال سفر الموظف.
٣. ربط اجهزة الحضور والانصراف في الشركات مع البرنامج.
٤. حرمان من يتلاعب في دعم العمالة من التوظيف الحكومي.
وتم تحديد موعد ٦ شهور للانتهاء من الربط الآلي بين وزارة الداخلية وبرنامج اعادة الهيكلة. وهنا يتبين من ان مجلس الوزراء قرر تفريغ برنامج دعم العمالة من محتواه. وبدل ان يقوم بإلغاء البرنامج، تم اتخاذ خطوات لتحويل حياة موظفي القطاع الخاص الى جحيم. وسيتم اعتماد نظام الخروجيات المتبع في المؤسسات العسكرية للسماح لموظفي القطاع الخاص بالسفر في إجازات. ولا يحق لموظفي القطاع الخاص السفر برحلات عمل في الخارج الا بإذن. والغريب هو عدم تطبيق الحكومة اي من الإجراءات المذكورة على موظفي الحكومة.
وسيتم حرمان اي شخص يخالف الإجراءات البيروقراطية بتحويله الى النيابة وحرمانه من العمل في الوظائف الحكومية لاحقاً. وهنا تنجح مهمة الحكومة في تحويل هذا الموظف المخالف الى سجن البطالة الى الأبد. حيث لا يستطيع العمل لا في القطاع الخاص ولا في القطاع العام ولا يكلف الدولة شيئاً.
دور الضغط الشعبي
نشرنا في مقالٍ سابق توصية باستثناء اصحاب الاعمال والمشاريع الصغيرة المسجلين على الباب الخامس من شروط اذن العمل. الا ان المسؤولين لا يلتفتون الى مقالات أو آراء من دون ضغط شعبي. وقام عدد من اصحاب المشاريع الصغيرة بالتحرك في السابق لتسهيل معاملات اصحاب المشاريع الصغيرة في وزارة الشؤون، وتجاوبت معهم وزيرة الشؤون هند الصبيح، وتم تأسيس ادارة المشاريع الصغيرة. لذلك اصبح من الضروري استمرار نفس الفريق أو فريق عمل مشابه للدفاع عن مصالح رواد الاعمال وموظفي القطاع الخاص.
ومن المناسب ان يكون الهدف الرئيسي للفريق تشجيع ودعم مجتمع رجال الاعمال الشباب والدفاع المستمر عن مصالحهم. وتكون الخطوة الاولى المطلوبة هي إلغاء إذن العمل للكويتيين. وتكون الخطوات التالية هي تذليل العقبات البيروقراطية مع وقف الإجراءات الاعتباطية في مختلف الوزارات. ويجب ان يعلم فريق رواد الاعمال ان العمل الجيد لا بد ان يستمر لان الكويت بحاجة الى مؤسسات وفرق غير حكومية تتمتع بالاستقلالية والنشاط والمرونة لتحقيق أهداف الدولة والمجتمع المختلفة.
نقلا عن القبس