«أوبك».. أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا

06/12/2016 4
د. عبدالرحمن محمد السلطان

اتخذت أوبك الأربعاء الماضي القرار الذي كان يفترض اتخاذه قبل عامين وليس الآن، وذلك بموافقتها على تخفيض إنتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا مع وعد من دول أخرى منتجة للنفط خارج أوبك أبرزها روسيا بتخفيض إضافي قد يصل إلى 600 ألف برميل يوميًا.

هذا التخفيض خطوة في الطريق الصحيح نحو إعادة الاستقرار للسوق النفطية عند مستويات سعرية أكثر ملائمة للدول المنتجة التي عانت خلال العامين الأخيرين من تراجعات حادة في إيراداتها النفطية بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط، الذي زاد من حدته تنافس هذه البلدان على زيادة إنتاجها في محاولة لتعزيز إيراداتها.

استجابة الأسعار القوية والسريعة لقرار أوبك تطور إيجابي مهم يؤمل أن يشجع دول المنظمة ومنتجي النفط الرئيسين خارجها كروسيا والمكسيك وكازاخستان والبرازيل على اتخاذ قرار بمزيد من التخفيض في الإنتاج مستقبلا، ما يساعد على تجفيف فائض المعروض النفطي ويسمح ببقاء الأسعار متماسكة عند مستويات أعلى، إلا أن علينا إلا نبالغ في توقعاتنا لأسباب أهمها التالية:

1- أن التخفيض الذي أقرته المنظمة تخفيض من أعلى مستوى وصل إليه إنتاجها هذا العام، وهو إنتاجها في شهر أكتوبر الماضي الذي كان عند 33.8 مليون برميل يوميًا، وتخفيضه بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا فقط سيعيده إلى مستوياته في شهر يناير الماضي لا أكثر، والأمر نفسه ينطبق على روسيا أيضا.

2- إن ارتفاع الأسعار يعني مباشرة تحسن في جدوى إنتاج النفط غير التقليدي وخصوصًا النفط الصخري الأمريكي، ما قد يعني زيادة في إجمالي الإنتاج العالمي بصورة تضغط على الأسعار للانخفاض من جديد، حتى وإن نفَّذت والتزمت دول المنظمة بما اتفقت عليه من تخفيض. فتراجع الأسعار خلال العامين الماضيين لم ينجح في إخراج النفط الصخري من المنافسة بل حقق العكس تمامًا، حيث خرجت الشركات الضعيفة وتقوت الشركات المتبقية من خلال نجاحها في تحقيق خفض إضافي في تكاليف إنتاجها بصورة زادت من قدرتها التنافسية أمام منتجي النفط التقليدي.

3- إن ردة فعل السوق على قرار أوبك قد تكون احتفالية بعودة أوبك لممارسة دورها التقليدي كمنتج متمم أكثر من كونه قناعة بأن لهذا القرار تأثيرًا حقيقيًا على توازن السوق، فهو بمنزلة رسالة مهمة من أوبك للسوق النفطية بأنها قد تخلت أخيرًا عن سياسة المحافظة على حصتها السوقية وهي الآن معنية بصورة أكبر باستقرار الأسعار عند مستويات أعلى، ولتحقيق ذلك فإنها قد عادت من جديد لممارسة دورها التاريخي كمنتج متمم يضبط حجم المعروض النفطي في السوق.

4- إن معظم التخفيض في إنتاج دول المنظمة ناتج عن تراجع موسمي في الطلب المحلي في دول المنظمة نفسها وبالتالي لن يؤثر على صادراتها النفطية، ما يجعل تأثيره على توازن العرض والطلب في السوق العالمية محدودًا.

لكل ما سبق فإن السوق النفطية ما زالت بحاجة إلى مزيد من الخفض في إنتاج الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المنظمة بما يضمن تخليص السوق من فائض العرض وترك مساحة كافية لاستيعاب ارتفاع مؤكد الحدوث في إنتاج النفط الصخري مع تحسن الأسعار بحيث لا يتسبب ذلك في تراجع في الأسعار يدفع المنتجين من جديد إلى سياسة الدفاع عن الحصص الإنتاجية الذي ثبت الآن أنه خيار سييء للجميع.

نقلا عن الجزيرة