تلعب السعودية بالنار حال تهديدها برفع انتاجها إلى مستوى قياسي عند 11 مليون برميل يوميا أو أكثر في رد فعل على اضافة المزيد من الحقول الإيرانية (تحديدا ثلاثة) خلال الأسابيع القليلة الماضية، في ظل صراع بين المملكة وايران وبقية كبار المنتجين.
هكذا يرى "نيك بتلر" الأستاذ الزائر في "كينجز كوليدج لندن" والذي عمل مع "بريتش بتروليم" (بي بي) قرابة ثلاثة عقود الصراع في سوق النفط، حيث تبدو السعودية في النهاية هي المتهم ولا أحد دونها.
(سأركز هنا على الجانب السياسي الذي تلاعب به "بتلر" وجعله محور كلامه رغم أهمية مناقشة رفع الإنتاج السعودي وتداعياته).
هذا الصراع دفع الأسعار للإتجاه هبوطا نحو 45 دولارا في ظل تشكك من قدرة "أوبك" والمنتجين خارجها لخفض الإنتاج وسيهبط أكثر حال الإعلان عن فشله رسميا، وهو الأمر الذي سيتضح خلال ساعات فالإجتماع غدا والسجال الدائر يشير إلى خلافات غير معلنة والسياسة الفاعل الأبرز وليس المفعول به، وتخمين النتائج ممكن بالطبع لكن ليس مضمونا في التعامل مع سلعة استراتيجية كالنفط.
وفي رأيي فإن الإشكالية ليست في التوصل إلى اتفاق، فهذا ممكن ..لكن الأهم المدى الزمني لتفعيله ومدى الالتزام به، وإلا فإن "أوبك" ستؤكد استمرارية ضعفها.
ويبدو هجوم "بتلر" عاديا وقام كثيرون بطرح إدعاءات تجاوزت ذلك بمراحل، لكن الأمر ذهب به في "تدوينته" في "فاينشال تايمز" –ولا تسمى بغير تدوينة- إلى أن السعودية هي السبب والمتسبب في فقدان وظائف "النفط الصخري" في الولايات المتحدة.
ويتساءل الرجل وكأنه يناقض نفسه ..أليست السوق تفرز ما فيها؟ هذا يعني خروج الأضعف.. والمقصود هنا خروج الشركات الضعيفة ماليا من السوق-شركات نفط صخري أمريكية- جراء هبوط الأسعار نظرا لإرتفاع تكاليف تشغيلها، وهذا منطقي تماما، لكنه يجد مبررا آخرا يضعه أمام "ترامب" وكأنه يحفزه لاستخدامه عن "الضمانات الدفاعية" والدعم السياسي للمملكة من جانب أمريكا ومن ثم التلويح بإستخدامه للضغط.
وكأن السعودية عاجزة في الدفاع عن نفسها، ولا زالت وستظل في حاجة لـ"البلطجة" الأمريكية وتواجدها لدرء أطماع الآخرين..وخمنوا من هم الآخرون؟!
ويرى "بتلر" أن في تحقيقات الكونجرس الخاصة بأحداث أو هجمات 9/11 و(التورط السعودي) كما يدعي ورقة ضغط هامة في يد الأمريكان في رد فعل جاهز لأى تضرر للوظائف، أو هكذا يرى البروفسير "باتلر".
الرجل يقول أيضا أن أمريكا-عن طريق "ترامب"- يمكنها الضغط بسحب دعمها السياسي للتواجد السعودي الخليجي في اليمن، ولا أدري حقيقة من أين استقى هذا الفكر الاستفزازي أو "حلول التيك أواى" لمشاكل اقتصادية في الأساس أفرزها السوق وتحتاج لحلول علمية وليست "استعراضية".
ربما وضح مع قرب اعتلاء "ترامب" سدة الحكم في أمريكا جرأة ظهور أفكار وتوجهات تتناسب بالتوازي مع شخصية الحاكم الجديد لبلاد العم سام، والتي تتسم بالتطرف السياسي والفكري مع العالم، لكن المهم أن تحقق "مصلحة الذات" أولا وأخيرا، ولا اعتبارا هنا لقوى السوق أو خلافه من نظريات، المهم تحقق "براجماتيا" ما تريد وبأى وسيلة حتى وإن كانت صدام المصالح الحتمي مع الأخرين.
إذن أيها السعوديون أنتم متهمون ليس فقط بإغراق سوق النفط بتخمة زائدة بل أيضا بمحو آلاف الوظائف من شركات النفط الصخري الأمريكية نتيجة ذلك، وكأن النفط الصخري لا يزاحم نظيره التقليدي في السوق ولم يسبب شيئا، رغم قناعة بعض المحللين بأنه هو المسؤول بالأساس عن هذه التخمة كما فند د.فيصل مرزا في حواري معه لـ"أرقام"؟؟
وكأن "بتلر" أصدر نسخته الخاصة من "جاستا" ليحاكم به المملكة على طريقته وهواه، لنجده متبجحا عندما يقول أن قصة توفير مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية عشرات آلالاف من الوظائف لأكبر اقتصاد بالعالم وامكانية الضرر الحادثة جراء توقفها خاطئة، فالمملكة في نظره في حاجة لشراء تلك المعدات في كل الأحوال.
وينتهي صراحة إلى الحاجة لخفض انتاج المملكة النفطي 1.5-2 مليون برميل يوميا لمدة سنتين أو ثلاثة، ويرى أن ذلك سيكون "مؤلما" للسعوديين، لكنه يعد ضروريا للحرص على استقرار السوق، لكن الأخطر في كلامه هي الإشارة إلى أفضلية ذلك بدلا من (مواجهة مفتوحة مع البلد التي حمتهم طيلة خمسة عقود)...هل القول بحاجة إلى توضيح وتفنيد؟!
هذه هي لهجة الخطاب مع تولي "ترامب"، والتي قد يرى البعض أنها موجودة حتى من قبله، وربما يكون هذا صحيحا، لكن الإدارة الأمريكية كانت تعمل على "توفيق أوضاعها" إذا جاز التعبير، بدلا من تبني لغة خطاب تصادمي، يُحمّل "الآخر" تبعات ليس مسؤولا عنها بأى حال، ومع تبني "ترامب" مصلحة أمريكا أولا فربما نتابع مزيدا من علو "ضجيج" مثل هذه الأصوات مستقبلا والتي تتخذ الصدام المباشر منهجاً.
المصالح الأمريكية لا زالت لها الأولوية هذا لا شك فيه، أمريكا أولا وأخيرا مبدأ قائم ولم يتغير، لكن الفكرة المغايرة هنا في طريقة التعاطي مع الأحداث، والأدوات المستخدمة لتحقيق المصالح بالتناطح لا التصالح أو بعض الدبلوماسية..طريقة الفتوة.
وبغض النظر عن الذي يدور في أروقة "أوبك" والأجندات المتعددة لكل طرف ونتائج الإجتماع، علينا أن نتفهم طبيعة المرحلة ومستجداتها وما سردته في الأسطر السابقة مثال لذلك، ومن يتوهم أن السياسة لا تنحني أمام الاقتصاد وتقبل يده يوميا عليه مراجعة أولوياته والاستعداد لما هو قادم بنظرة مغايرة.
خاص_الفابيتا
شكرا كاتبنا العزيز
الشكر لله أخي الفاضل..
السياسات تبنى على ايدي الساسه المحترفين وليس على ايدي كتبه في قصاصة صحيفه او تدوينه ...
هذا حقيقي لكن بعض هؤلاء له تأثير للأسف..ويعملون جيدا خلف الكواليس
شكرا استاذ خالد .. وكما تفضلت فالاقتصاد هو من يقود السياسة لا شك
الشكر لله ا/حجاج ..شرفني تعليقك ..وهذه قناعتي السياسة تنحني يوميا أمام الاقتصاد وتقبل يده ..وهم يوظفون ذلك جيدا رغم برزو العكس أمام كاميرات التلفاز أو صفحات الجرائد.
يبدو واضحا أستاذ خالد سطحية التدوينه وانه كان الهدف منها ( فقط ) ارسال رسالة غير مباشرة ولم يكلف نفسة البروفوسور عناء النظر بعيدا او اعمق مما يجب لأنه كان معنيا بايضاح رسالة
أهلا أستاذنا الكريم ناصر ..ربما يكون معنيا برسالة فعلا..لكن عندما يكون بهذه المكانة وصناعة الفكر الاستراتيجي في شركة بحجم بي بي علينا أن نتوقف معه..فالأمر يتجاوز التدوينة.. وفي كل الأحوال نشرت في جريدة عالمية وفي مكان بارز..وبتجاوز نظرية المؤامرة الكلام يستحق التوقف. عتاب جانبي اذا سمحت لي: نفتقد آراءك كمحلل مالي منذ زمن..
لك حق تعتب ولك مني وعد بالمزيد وان كنت لا أزال اتعلم منكم
شكرا أستاذ خالد عل مشاركتنا بهذا المقال,, من العب الحكم حاليا بما ستؤول اليه سياسة الرئيس الجديد لأمريكا ( ترمب) , لكن أتوقع ان هناك مسؤولين لدى الحكومه الامريكيه سيشرحون له واقع العلاقات السعوديه الامريكيه طوال الخمسين سنه الماضيه , وأنها لم تكن يوما عالة على امريكا وعلى دافع الضرائب الامريكي,, الخيارات للسعوديه في الاوقات الحاليه تبدو أفضل منها قبل 30 سنه( مثلا), شخصيا اتوقع الخوف سيكون من تلاشي اهمية النفط كمصدر قوي للطاقه
الأن أصبح الإقتصاد هو القائد الحقيقي للسياسة والدولة التي لها قاعدة اقتصادية قوية فقط هي من لها الكلمة الأن
لا يهم العالم الغربي سواء ارتفع النفط أو انخفض إلا المحافظة على مصالحهم . وهذا يعني أنها دول مصالح وليست مُثـُل أو دول متحضرة فهم يسيرون على أجدادهم الذين قالوا : ( لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ) يجب أن نتفنّن في (أقوالنا) و(نعمل) لمصالحنا باحتصار .
لا يهم العالم الغربي سواء ارتفع النفط أو انخفض إلا المحافظة على مصالحهم . وهذا يعني أنها دول مصالح وليست مُثـُل أو دول متحضرة فهم يسيرون على أجدادهم الذين قالوا : ( لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ) باختصار.... يجب أن نتفنّن في (أقوالنا) و(نعمل) لمصالحنا .
شكرا كاتبنا العزيز صدقني حتى لو اوقفنا الانتاج الى صفر وليس تخفيض لن يرضو عنا
اوبك سابقا التي كانت تعمل لهدف واحد ليست اوبك الان هناك تفرد بالقرار مصالح حسابات اخرى شكرا لقلمك استاذنا العزيز
من يتحكم في الاعلام...يدير السياسه والاقتصاد والجيش والشعب لما يريد. تذكروا لايصرح الامريكيون لللمجرد التصريح..الفاينانشال تايمز..ليست مجرد صحيفه بل هي مقياس ردود الافعال والاطلاع على الراء ازاء سياسه اقتصاديه معينه.((في العالم)) تقبلوا مروري.
مايهمنا هو مصلحتا تقليص الانتاج من جانب واحد ماراح يفيد اما يتفقوا او لا يتفقوا
للاسف ...... قرار السياسى ومحنة الاقتصادى ....!!